source - .flickr |
- لطالما ضمت حكايات ألف ليلة وليلة الكثير من المدن الخيالية التي دارت بين جوانبها قصص سحرية , بل ضمت مدناً كانت ومازالت موجودة على أراضي العرب مثل بغداد وكذلك سمرقند Samarkand .. التي وصفها البعض كقطعة سحرية من كتاب ألف ليلة وليلة .
فعندما زار المسلم الرحالة الشهير إبن بطوطة هذا المكان الرائع في عام 1330م , وصفها بإنها " واحدة من أعظم وأرقى المدن , والأكثر جمالاً بينهم " - وبالفعل كان على حق - فقد سرقت سمرقند قلب كل من زارها , تلك المدينة المزينة بالمساجد الزرقاء , والقصور الفخمة , والهندسة المعمارية المتميزة , والتي تقع في أوزبكستان .
تاريخ لؤلؤة الشرق الزرقاء
- بعد طشقند Tashkent , كانت سمرقند هي ثاني أكبر مدينة في أوزبكستان , وتُعتبر واحدة من أقدم المدن في العالم , فقد كانت يوماً ما عاصمة لدولة سوقديانا القوية أو بلاد الصغد , والتي كانت أهم ولاية في الإمبراطورية الفارسية الأولى , ومحاطة بسلاسل من الجبال والصحارى والسهول , وكانت سوقديانا منطقة غنية خصبة جداً بفضل أسلوب الري المتميز .
- ونظراً لموقع سمرقند المتميز على طريق الحرير , أصبحت واحدة من أكثر المدن إزدهاراً في آسيا الوسطى لعدة قرون , قبل وبعد الفتح الإسلامي للبلاد , ولذا كان لها مكانة مهمة في التجارة الدولية , وأصبحت أهم مركز تجاري في آسيا الوسطى , حيث إلتقى على أرضها التجّار من مختلف الإمبراطوريات في ذلك الوقت .
ولا عجب أن الأسكندر الأكبر حينما غزا هذه الجوهرة في 329 قبل الميلاد , قال عنها " كل ما سمعته عن جمال هذه المدينة حقيقي , ولكن هي أكثر جمالاً في الواقع " .
وفي القرن الثامن الميلادي قام المسلمون بفتح سمرقند , وخلال عهد الدول الأموية , إزدهرت سمرقند كمركزاً تجارياً على الطريق بين بغداد والصين , وخلال عهد العباسيين أصبحت سمرقند عاصمة لآسيا الوسطى , وتطورت لتصبح مركزاً هاماً جداً للحضارة الإسلامية .
جدير بالذكر : أن ( الإمام البخاري وهو أحد أكبر فقهاء الحديث في العالم الإسلامي عند أهل السنة والجماعة , قد دُفن بالقرب من سمرقند , بينما وُلد في بخارى بأوزبكستان )
- وواصلت سمرقند الإزدهار تحت حكم الدولة السامانية لخراسان (874-999) وتحت حكم السلاجقة وشاهات فارس بعد ذلك لمملكة خوارزم ( الشاه لقب يُعطى لإمبراطور بلاد فارس ) , وذلك حتى وصلت سمرقند إلى أحلك فترة في تاريخها , عندما غزاها المغول بقياد جنكيز خان عام 1220 .
سمرقند عاصمة الدولة التيمورية
- بعد فترة الظلام التي عاشتها سمرقند في عهد المغول, إنتعشت بعد ذلك في القرن الرابع عشر , حينما وصل حفيد جنكيز خان ( تيمورلنك ) إلى الحكم , وأصبح مؤسساً وحاكماً للإمبراطورية التيمورية الجديدة , وإتخذ سمرقند عاصمة لإمبراطوريته الجديدة , وتحت حكمه وصلت المدينة إلى مكانة متميزة ورائعة , حيث قام بتجديد المدينة , ودعا المهندسين والفنانين المعماريين والحرفيين للعيش في سمرقند من مختلف أنحاء إمبراطوريته .
وعلى الرغم من أن " تيمورلنك" لم يكن رجلاً رحيماً تجاه أعداءه , إلا إنه كان كريماً ورحيماً جداً مع ذوي الكفاءات الفنية الخاصة , وأمرهم بجعل سمرقند من أعظم وأروع المدن في ذلك الوقت , بحيث أصبحت فعلياً جوهرة آسيا الوسطى والعالم أجمع .
المدينة الساحرة
source- arabic.china.org |
المكان الأكثر إثارة للإعجاب في سمرقند هو ساحة ريجستان وتعني ( المكان الرملي ) - وهي ساحة عامة وضخمة , محاطة بمجمعات دينية من جوانبها الثلاثة , وتضم تلك المجمعات الدينية المساجد والخانات , والمدارس , وقد أُعيد بناء ساحة ريجستان عدة مرات بين 1370 و1500 من قِبل التيموريين .
كما ستسحرك المدينة الزرقاء بأبوابها الضخمة و قصورها الرائعة وقبابها الفيروزية , والآلاف من البلاط الأزرق الذي يزين ساحاتها .
- بعد وفاة تيمورلنك , سرعان ما أصاب الضعف إمبراطوريته , وقد فقدت قوتها في نهاية المطاف في أواخر القرن الخامس عشر , بينما حكمها الأوزبك على مدى القرون الأربعة التالية ( الأوزبك هو لقب أُطلق على بعض الجماعات التركية التي هاجرت من بلاد القبجاق ومناطق استراخان واستوطنت بلاد ما وراء النهر وتركستان ) .
وأصبحت سمرقند بعد ذلك جزءاً من إمارة بخارى , وسقطت في أيدي الإتحا السوفيتي في عام 1868 .
وفي عام 1925 , أصبحت سمرقند عاصمة للجمهورية الإشتراكية السوفياتية الأوزبكية , وفي عام 1930 تم إستبالها بـ طشقند .
- في النهاية .. إذا حالفك الحظ وقمت بزيارة سمرقند , فستعرف أنها ليست مدينة " عادية " , لذا فأعدّ نفسك لرحلة عبر الزمن .. فأنت ذاهباً لمكان غارقاً في حكايات ألف ليلة وليلة .
سمرقند بالفعل كنزاً إسلامياً وجمالاً شرقياً إلتقيا معاً على طريق الحرير يوماً ما .
مصدر المقال : mvslim.com
أترك تعليقا
ليست هناك تعليقات