إذا سألت شخصاً ما عن مادة خلق الإنسان فأجاب أنه من تراب , وأجاب آخر أنه من صلصال , وأجاب ثالث أنه من طين , فلا يمكنك إلا أن تقول أن جميع هذه الإجابات صحيحة لورودها في القرآن الكريم .. فهل هناك تناقض بينها ؟ !
وما أثر ذلك على خلق الإنسان؟
قال تعالى " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ"
- وردت العديد من الآيات التي تتكلم عن خلق الإنسان من طين ومن تراب , وبالتالي يكون من المتوقع أن يحتوي جسم الإنسان على الكثير من العناصر الكيميائية المشتركة بينه وبين التراب مع إختلاف نسب الوجود فمثلا جسم الإنسان يتركب من 23 عنصراً تتوزع بالشكل التالي
1- أكسجين O - هيدروجين H - على شكل ماء بنسبة 65% - 70% من وزن الجسم .
2- كربون C , وهيدروجين H , وأكسجين O , وتشكل أساس المركبات العضوية من سكريات ودهون , وبروتينات وفيتامينات وهرمونات أو خمائر .
3- مواد جافة وتنقسم إلى
-مواد شائعة : مثل الكلور Cl , الكبريت S , الفسفورP , والمغنزيوم Mg , والبوتاسيوم K , والصوديوم Na, وهي تشكل 60% - 80% من المواد الجافة .
- مواد قليلة الوجود مثل : الحديد Fe , والنحاس Cu , واليود I , والكوبالت
Co , والزنك Zn, والمولبييديوم Mo.
- مواد نادرة الوجود مثل : الفلورF , والألومنيوم Al, والبورون B , والسيلينيوم Se , والكادميوم Cd, والكروم Cr
وجميع هذه العناصر موجودة في التربة كما ذكرنا , ولكن بنسب مختلفة ..
وقد يتبادر إلى ذهن القاريء سؤال حول سبب إختلاف تسميات مصدر الخلق ففي بعض الآيات "من تراب" , وفي أخرى " من طين لازب " وفي غيرها " من صلصال " .. ولإيضاح هذا التكامل وإثبات أن ليس فيه تناقض.. نعرض المخطط التالي:
- قال تعالى " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " , فالتراب كانت البداية .. ثم " الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ" , وذلك عندما أضيف الماء إلى التراب فأصبح طيناً .
" فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ " , وذلك عندما زالت قوة الماء عن الطين فأصبح "لازبا" أي جامداً
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ" , في مرحلة تغير الطين ,واسود لونه , وتصبح رائحته نتنه , ويسمة "الحمأ المسموم" , لأن الحمأ هو الطين الأسود المنتن , والمسنون هو المتغير بينما , "الذي لم يتسنه" , هو الذي لم يتغير , فلما يبس الطين - من غير أن تمسه نار- , سمي "صلصالاً" لأن الصلصال هو الطين اليابس , وسمي "صلصالاً" لأن له صوت رنين .
- تلك هي مراحل خلق الإنسان الأول , توالت فيها وتتابعت وتكاملت المصطلحات : التراب ..والماء ..والطين ..والحمأ المسنون ..والصلصال, وجميع هذه التغيرات الكيميائية والفيزيائية تتوج أخيراً بنفخ الروح من الله عز وجل ليكتمل خلق سيدنا آدم عليه السلام
فسبحان الله الذي صور فأبدع.
المصدر : كتاب كلنا كيمياء
سبحان الله جل قدره
ردحذف