الطيور والحيتان والفراشات , والعديد من الحيوانات , لديها جميعاً شعوراً غريزياً بالنسبة إلى تحديد إتجاه الشمال , حتى الكلاب تميل إلى التبرز في خط يتماشى مع الأقطاب المغناطيسية للإرض .
فإذا كانت كل تلك الكائنات يمكنها أن تشعر بالمجالات المغناطيسية , فهل يمكن للبشر ذلك ؟
هل يمكنك من خلال شعورك بالمجال المغناطيسي وحده أن تحدد موضع سيارتك في موقف السيارات مثلاً ؟
السؤال كبير ربما .. ولكن الجواب قصير !
- في القرن العشرين , كان العلماء الذين يبحثون عن القدرة على الإحساس بالمجال المغناطيسي , يقابلون بالسخرية من هذه الفكرة , ولكن أصبح الأمر واضحاً عند إكتشاف الشعور بالمجال المغناطيسي لدى الحمام , ومنذ ذلك الحين , وجد العلماء أن كل حيوان مهاجر تقريباً من الطيور إلى الأسماك , لديه بوصلة داخلية , حتى أن هذه القدرة إتضح أنها موجودة في حيوانات قد لا تتوقعها مثل جراد البحر , الديدان , الضفادع , والقواقع !
- ولكن ماذا عن البشر ؟
في الثمانينيات , قام عالم الأحياء البريطاني " روبن بيكر " بسلسلة من التجارب التي أظهرت أن البشر لديهم إحساس فطري بالإتجاه , عن طريق تجارب تعتمد على مشاهدة سلوك الخاضعين للتجارب
لكن عندما حاول علماء آخرون تكرار تجارب بيكر , لم يحصلوا على نفس النتائج , وبعد أن نشر بيكر ورقة في عام 1983 مدعياً أن عظام الجيوب الأنفية لدى الإنسان لها خصائص مغناطيسية , إدعى الجيوفيزيائي " جو كيرسكفينك " Joe Kirschvink إن الأمر ليس كذلك , وأن تلك النتائج مغلوطة بسبب وجود بعض المواد الإشعاعية وموجات الراديو في بيئة التجارب
ولكن في وقت لاحق , قام " كيرسكفينك " نفسه بتجارب للكشف عن مغناطيسية البشر , حيث قام بقياس الموجات الدماغية لبعض المتطوعين على جهاز تخطيط كهربية الدماغ EGG بدلاً من مشاهدة سلوكهم , وقام بإختبارهم داخل قفص فاراداي - وهو صندوق معدني يحافظ على التداخل الكهرومغناطيسي , مما يضمن خلو النتائج من موجات الراديو والضوضاء ,وكانت هذه هي المرحلة الأولى من التجربة , وفي المرحلة الثانية قام يتزويد الإختبار بحقل مغناطيسي محاكي للحقل المغناطيسي للأرض داخل القفص , وعندما قام بتدوير الحقل المغناطيسي عكس إتجاه عقارب الساعة , كان هناك إنخفاضاً في موجات ألفا - وهي علامة على أن الدماغ كان يعالج شيئاً ما , وأظهر ذلك أن الخلايا العصبية كانت تنشط رداً على المجال المغناطيسي - , لذا إستنتج " كيرسكفينك " أن نعم - البشر لديهم قوة مغناطيسية .
إذا كيف نفسر ذلك ؟
الحقيقة أن العلماء لديهم إثنين من النظريات الرائدة في هذا المجال لتفسير وجود البوصلة المغناطيسية لدى البشر :
1- يعتقد بعض العلماء أن الميجناتيت ( وهو معدن من خامات الحديد الرئيسية, وصيغته الكيميائي هي Fe3O4 ) , يتواجد في عظام الجيوب الأنفية للإنسان , وأن هذا الحديد المعدني المغناطيسي حساس للغاية للمجالات المغناطيسية , وهو موجود أيضاً في مناقير الطيور , وخطم الأسماك , وحتى أنه تم العثور علي هذا المعدن أيضاً في الدماغ البشري , غير أن آخرين يعتقدون أن الميجناتيت قد يكون مجرد جزء من الجهاز المناعي , وليس له دور في تحديد الإتجاهات .
2- النظرية الأخرى تدعي أن بروتين يسمى " كريبتو كروم " الذي تم إكتشافه في شبكية العين الخاصة بالطيور والكلاب , هو المسؤول عن نقل المعلومات المغناطيسية إلى المخ .
جدير بالذكر أن بروتين كريبتو كروم يعمل كمستقبل للضوء , وهي خلايا حساسة للضوء الأزرق , وموجودة في النباتات الحيوانات , وتتحكم في الساعة البيولوجية لديهم , وأيضاً يعتقد العلماء أنها مسئولة عن خاصية الإستشعار عن المجالات المغناطيسية في عدد من الأنواع .
ولكن في نهاية الأمر .. مازلنا لا نعلم مدى قوة الشعور بالمجال المغناطيسي لدى الإنسان , وما الذي سيستفيده البشر من ذلك .. وما زال الأمر في طور الدراسة والإختبار .
المصادر:
البوصلة موجودة فعلا.. و انا اكتشفت ذلك.. بالطريقة الصعبة و عن طريق الصدفة.. حيث بطريقة معينة قمت بتخريب بوصلة جسمي مما اضاع التركيز و صرت معرضا لجاذبية المعادن و الفراغات... من يستطيع مساعدتي يخبرني
ردحذف