- بالقرب من الساحل الجنوبي لإيطاليا يقع أرخبيل صغير من الجزر التي تضم جزيرة مالطا , حيث تتمتع تلك البلاد بتاريخ فريد ومتنوع , وتأسست مالطا لأول مرة عام 5,900 قبل الميلاد , وتوالى عليها العديد من الحكام من مختلف البلاد الذين حكموا على مدى آلاف السنين , بما في ذلك الفينيقيين ، القرطاجيين ، الرومان ، البيزنطيين ، العرب ، النورمان ، الصقليين ، الإسبان ، الفرنسيين ، والبريطانيين , وأخيراً قد أصبحت مستعمرة بريطانية في عام 1814 , قبل أن تحصل على استقلالها في عام 1964 .
وعلى مدى هذا التاريخ الطويل الذي يمتد إلى آلاف السنين , أُشتهرت مالطا بآثارها الرائعة التاريخية ومواقعها القديمة , ولكن واحدة من تلك الأماكن كانت مجمعاً مجهولاً غامضاً يقع تحت الأرض ويحمل بين طياته العديد من الألغاز والغرائب التي لا تزال دون حل حتى يومنا هذا .
العثور على سراديب الموتى في مالطا
- في عام 1902 , كان بعض العمال يقومون بحفر خزانات أرضية لتطوير المساكن في بلدة ( باولا ) بجزيرة مالطا , عندما عثروا على ما بدا لهم أنه غرفة ضخمة من نوع ما , وبدا أن هذه الحجرة ما هي إلا جزء من هيكل أكبر ثاوياً هناك في الظلام تحت الأرض وبعيداً عن عيون البشر لفترة طويلة جداً .
ولكن لسبب ما آثر العمال إخفاء هذا الإكتشاف , حتى تم الكشف عنه في وقت لاحق .
فعندما انتشرت الشائعات التي تفيد بوجود كهف غامض مجهول يقع أسفل المدينة منذ وقت طويل , سارع علماء الآثار للبحث في أغوار هذا الأمر , وبالفعل تمكن الباحثون من اكتشاف ما تم اعتباره أنه واحداً من أهم الإكتشافات الأثرية المثيرة للإهتمام في هذا القرن وأُطلق عليه اسم Hypogeum , والذي يعود تاريخه إلى عام 4000 قبل الميلاد , ويُعتقد انه من أقدم المجمعات تحت الأرض في العالم , فقد عثر العلماء بداخل تلك السراديب على المعابد والأضرحة والمذابح وأحواض الأنفاق الضخمة المتعرجة , وحجر دفن الموتى , وأشياء أخرى لا تعد ولا تحصى من التماثيل والخزف والخرز والأزرار والقذائف والتمائم ورؤؤس الفؤوس وغيرها ..
وربما كان الإكتشاف الأكثر إثارة للإهتمام في هذا المكان القديم الذي دُفن ونُسي في أحشاء الأرض , هو العثور على بقايا حوالي 7000 فرد إلى جانب العدبد من أدوات الدفن , مما أدى إلى اعتقاد علماء الآثار بأن هذا المجمع كان بمثابة " مدينة الموتى " او " قبر عملاق " .
- بدا كل شيء غامضاً حول هذا المكان .. من قام ببناءه ؟ ,, وكيف بقى مختفياً عن الأنظار لفترة طويلة ؟ ,, ولماذا كان مكتظاً بجثث الآلاف من الموتى ؟ .
ولكن من أكثر الألغاز غرابة بخصوص هذا المكان , هو اكتشاف العديد من الجماجم الشاذة والغريبة الشكل بين البقايا العديدة التي تم العثور عليها هناك , وكذلك الكشف عن بئر مقدس ومزين بتماثيل .
الإكتشافات الغريبة في سراديب الموتى
أثارت الجماجم الغريبة فضول العلماء , حيث ظهرت بشكل مستطيل غير طبيعي , وكانت أكبر من الجماجم البشرية العادية , وأظهر التحليل الإضافي أنها تعاني نوعاً من الشذوذ الوراثي الغامض , في حين أبدى آخرون أن الجماجم ربما كانت مربوطة بشكل متعمد لجعلها تظهر بهذا الشكل , على غرار ما كان يمارسه الكهنة في مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين وأمريكا الجنوبية قديماً .
وظهرت بعض الجماجم الأخرى بمظهر غريب للغاية , إذ اظهرت نمطاً غير متناسق , وفي واحدة من تلك الحالات كان هناك نقص كامل في العظام القحفية , وهذا قد حًير الباحثون إذ لم يظهر التحليل أي خلل وراثي معروف او طفرة جينية , كما بدا أن بعض الجماجم خضعت لعمليات جراحية , حيث تم حفر ثلاثة ثقوب صغيرة في الرأس لأسباب غير معروفة .
هذه الجماجم الغريبة أثارت تكهنات واسعة في ذلك الوقت , ومازالت تفعل ذلك ..
فلماذا هؤلاء الافراد يمتلكون مثل هذه الجماجم الطويلة الغامضة , وماذا كانت أهميتها ؟
كانت إحدى الأفكار التي تبنّاها بعض العلماء هو أن تلك البقايا البشرية تمثل جنساً جديداً بالكامل من البشر , أو ربما كانت لمجموعة من البشر قد تعرضوا لطفرة جينية , في حين اقترح آخرون أن تلك الجماجم ربما تعرضت لنوعٍ من الممارسات الدينية كشعائر مقدسة , بينما رأى آخرون أن هؤلاء البشر كانوا مستوطنين قدموا من مصر , أو كانوا أحفاد لقبيلة مالطية غير معروفة أو بقايا شعب حضارة ضائعة كبعض السكان المشردين من قارة أتلانتس المفقودة , وكانت هناك نظريات تخطت حدود المعقول فاقترحت أن هذا الرفات يعود لكائنات فضائية زارت الأرض منذ زمن بعيد .
- كان من الصعب على علماء الآثار والمؤرخين أن يحددوا ماهية تلك الجماجم على وجه اليقين , لأن الجماجم نفسها لم يتم دراستها بما فيه الكفاية , فبعد اكتشافها تم عرض 11 جمجمة غريبة في المتحف الأثري في فاليتا ( العاصمة ) , وبعد ذلك تم إزالتها فجأة بدون تفسير , وكان الوصول إليها صعباً للغاية مما جعل من المستحيل لأي شخص أن يدرسها بشكل كافٍ
لذا فإن الأدلة الوحيدة المتوفرة لدينا هي بعض الصور والسجلات الخاصة بالباحثيين من مالطا مثل الدكتور أنتون ميفسود والدكتور تشارلز سافونا فينتور , وما أضاف للأمر بعض الغموض , هو اختفاء العديد من الجماجم على مر السنين , فتبقى 6 جماجم من أصل 11 , ولا أحد يعرف ماذا حدث للآخرين ؟!
الأحداث الغريبة داخل سراديب الموتى
- وكأن ذلك المكان الغامض والقابع تحت الأرض لآلاف السنين , بحاجة إلى مزيد من الأسرار , ففي ثلاثينييات القرن الماضي , زعمت عاملة من السفارة البريطانية تُدعى " لويس جيسوب " أنها مرّت بتجربة مرعبة وفريدة في هذا المكان المظلم !
إدعت" جيسوب " أنها كانت تستكشف الأنفاق الجوفية القديمة في جولة بصحبة بعض المرشدين على ضوء الشموع , وعندما وصلت إلى غرفة الدفن , كان هناك انحدار في أرضية الغرفة مما جعلها تسقط في الظلام , وعندما استخدمت الشمعة لترى خلال الظلام , زعمت انها رأت شيئاً غريباً جداً في تلك الهاوية , حيث نظرت إلى الأسفل وهي ممسكة بالشمعة لتروي ما حدث ... تقول " لويس "
" حملت الشمعة بيدي لأعلى وأطلعت من خلال الهاوية , ثم رأيت حوالي عشرين شخصاً من العمالقة يخرجون من فتحة عميقة من أسفل , وكانوا يسيرون في خطى واحدة , على طول حافة ضيقة أخرى بالأسفل , كان طولهم من 20 إلى 25 قدماً تقريباً , وكانت رؤوسهم مغطاة بشعر أبيض طويل لديه مظهر أشعث , ثم ساروا ببطء شديد بخطوات طويلة , ومن ثم توقفوا جميعاً , ورفعوا رؤسهم لأعلى في اتجاهي , ورفع جميعهم أذرعهم وأيديهم لي , بالطبع كانت لحظات مريبة ومرعبة " .
ازدادت الأمور سوءاً بعد بضعة أسابيع من تلك الحادثة , عندما ادّعت " جيسوب " أنه كان هناك مجموعة مكونة من 30 طالباً وبعض المعلمين والذين دخلوا نفس الغرفة ومن ثم اختفوا بشكل غامض بعد انهيار الكهف خلفهم , وبالفعل توجهت فرق البحث للعثور على الطلبة والمعلمين المفقودين , والذين ترددت أصوات استغاثتهم في أرجاء الكهف من مكان ما هناك لعدة أيام , ولكن للأسف فشلت فرق الإنقاذ في العثور عليهم , قبل أن يغلف الصمت أصواتهم إلى الأبد , ولم يتم العثور على جثثهم أبداً , ونتيجة لذلك قررت الحكومة إغلاق الأنفاق أمام الجماهير لفترة من الوقت .
إقرأ أيضاً : الجماجم البشرية الغريبة
- تم الكشف عن شذوذ آخر في Hypogeum في السنوات الأخيرة كذلك , فقد تبين أن الكهف يصدر ترددات صوتية باستمرار تقع ضمن نظاق يتراوح بين 110 و 111 هرتز , وهو شذوذ له تأثير على الناحية الجسدية والعقلية للبشر , ويعتقد العلماء أن هذا المجمع تم تصميمه في هذا المكان بسبب هذا الشذوذ الذي خدم غرضاً لدى القدماء نجهل ماهيته حتى الآن .
بأصولها الغير واضحة , وبقايا رفاتها المجهولة الهوية , وسماتها الغامضة , وجماجمها الغريبة , فإن سراديب موتى مالطا تمكنت من البقاء مخفية عن الحضارة لآلاف السنين , وربما ستظل لغزاً لآلاف أخرى من السنين .
مصدر المقال / mysteriousuniverse
حقوق الترجمة محفوظة لمدونة / عالم المعرفة
أترك تعليقا
ليست هناك تعليقات