- مثلما اشتهرت مصر القديمة ببناء الأهرامات , كان لدى بلاد ما بين النهرين هياكل ضخمة أيضاً سُميت بالـ زقورات ziggurats , وهي عبارة عن أبنية ضخمة من الطوب ذات منصات مرتفعة على شكل مستويات متعاقبة منحدرة .
لا أحد يعرف بالضبط لماذا بُنيت تلك الهياكل الضخمة , ولكن يُفترض أنها كانت تحتوي في وقت من الأوقات على أضرحة مخصصة لعباة الآلهة , كما كانت تضم أماكن معيشة للكهنة , على الرغم من أن الدليل الوحيد على ذلك جاء في كتابات المؤرخ الشهير هيرودت , حيث لم يتم العثور على أية أضرحة على الإطلاق في أي من عشرات الزقورات التي تتناثر في صحاري العراق وإيران .
زقورات بلاد ما بين النهرين ( العراق )
من أشهر الزقورات في العراق ( بلاد ما بين النهرين سابقاً ) هي زقورة أور الكبرى , وتقع على بُعد 40 كم إلى الغرب من مدينة الناصرية وأسستها سلالة "أور الثالثة " , وتتكون الزقورة من ثلاثة مستويات من المصاطب يتراوح ارتفاعها ما بين 20 إلى 30 متراً , مع سلالم كبيرة تؤدي إلى كل مستوى , ويبلغ طول هذا المبنى المستطيل الضخم نحو 64 متراً بينما يبلغ عرضه 45 متراً .
في أعلى مستوى من الزقورة يوجد معبد إله القمر نانا - وهو الأله الراعي لأور عند أهل العراق قديماً - ولكن للأسف لم ينج هذا المعبد , وقد عثر العلماء على بعضاً من الطوب الأزرق اللامع والذي يُعتقد أنه ربما كان جزءاً من الواجهة المزخرفة للزقورة فيما مضى .
تم العثور على ثقوب في الطبقة الخارجية لمعبد الزقورة , ومن المفترض أن تلك الثقوب كانت تسمح بتبخر المياه من قلب المعبد , بالإضافة إلى وجود مصارف تم بناءها في مصاطب الزقورة لتصريف مياه الأمطار الشتوية .
قام الملك أور- نمو ببناء الزقورة ، لكنه توفي قبل الإنتهاء من أعظم أعماله ، وقد أكمل المشروع ابنه شولجي في القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد.
شكل تخيلي للشكل الكامل لزقورة مدينة أور |
وبحلول القرن السادس قبل الميلاد ، كانت الزقورة قد انهارت بالفعل ,فعلى عكس الأهرامات المصرية القديمة ، تم بناء الزقورات من طوب طيني فتبلل عند تعرضه للأمطار والرطوبة , ثم تصدع في حرارة الصيف.
تمت عملية إصلاح الزقورة بعد 2500 سنة من عملية ترميمها الأولى , وذلك في الثمانينات , حيث قام الرئيس العراقي السابق " صدام حسين " بترميم الواجهة والسلالم من خلال وضع طبقة من الطوب الحديث لحماية الجدران الأصلية , ولكن تتضررت الزقورة بعض الشيء أثناء حرب الخليج حيث مازالت جدرانها تحمل مئات الثقوب من الرصاص والشظايا .
زقورات خارج بلاد ما بين النهرين ( إيران )
تُعدّ زقورة جغا زنبيل واحدة من الزقورات القليلة التي تقع خارج بلاد ما بين النهرين وهي أكبرها , وموجودة في مدينة عيلام القديمة -محافظة خوزستان في جنوب غرب إيران حالياً .
وقد تم بناء زقورة جغا زنبيل في حوالي العام 1250 قبل الميلاد من قِبل الملك أونثاش - نبيريشا لتكريم الإله إنشوشيناك , ولكنه توفى قبل إتمام البناء , وتم التخلي عن استكمال الزقورة .
وعندما هاجم الأشورين جغا زنبيل بعد ستة قرون , كان لايزال هناك الآلاف من الطوب المكدس في الموقع .
كانت الزقورة تُعدّ جزءاً من مجمع أكبر يضم 11 معبد , كانت مكرسة جميعها لعبادة الآلهة , ويُعتقد أن الملك أونثاش-نبيريشا كان قد خطط في الأصل لعشرين معبد في محاولة منه لإنشاء مركز ديني جديد كان من المفترض أن يحل محل مدينة شوشان أو سوسة التي كانت واحدة من أهم المدن في الشرق الأدنى القديم وكانت عاصمة للأمبراطورية العيلامية .
كان يصل طول الزقورة إلى 100 متر من كل جانب , ويصل ارتفاعها إلى حوالي 50 مترً ولها خمسة مستويات , بينما تحتوي قمتها على معبد يبلغ ارتفاعه الآن 24 متراً .
ويُعتقد أن وجهة الزقورة كانت مغطاه فيما مضى بصخور طينية خضراء وزرقاء , وتم تزيين شكلها الداخلي بالفسيفساء الزجاجية والعاجية , وكانت تماثيل التيراكوتا المصقولة مثل الثيران والغريفين المجنح تحرس مداخل الزقورة.
وعلى الرغم من أن تلك التماثيل تم نهبها منذ فترة طويلة إلا أن الزقورة بشكل عام مازالت في حالة جيدة , وفي عام 1979 أصبحت جغا زنبيل أول موقع إيراني يتم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي .
حقوق الترجمة محفوظة لمدونة / عالم المعرفة
أترك تعليقا
ليست هناك تعليقات