-->

الاثنين، 1 يوليو 2019

أقدم من دراكولا : حقيقة مصاصي الدماء القدامى في أوروبا

 دراكولا,مصاصي الدماء,أوروبا,إنجلترا
- مصاصو الدماء هم كائنات أسطورية شريرة تجوب العالم ليلاً بحثاً عن ضحايا ليتغدوا على دمائهم , وقد يكون مصاصو الدماء هم الوحوش الكلاسيكية الأكثر شهرة على الإطلاق , ووفقاً للأساطير فإن هناك الكثير الخصائص المختلفة التي يتسم بها مصاصو الدماء كما توجد في الأساطير , لكن السمة الرئيسية لمصاصي الدماءهي أنهم يشربون دم الإنسان, أي إنهم عادةً يستنزفون دم ضحيتهم باستخدام أنيابهم الحادة ، ويقتلونهم أو يحولونهم إلى مصاصي دماء.

بشكل عام ، فإن مصاصي الدماء يصطادون ليلًا لأن أشعة الشمس تضعف قوتهم , وقد يكون لدى البعض القدرة على التحول إلى الخفافيش أو الذئاب, كما يمتلك مصاصو الدماء قوى فائقة وغالبًا ما يكون لهم تأثير حسي ومنوم على ضحاياهم , ولا يمكنهم رؤية صورتهم في المرآة وليس لهم ظلال.
يعتقد ماثيو بيريسفورد ، مؤلف كتاب "من الشياطين إلى دراكولا: إنشاء أسطورة مصاصي الدماء الحديث" (Reaktion ، 2008) ، ان جذور مصاصي الدماء تمتد إلى العالم القديم ، ومن الصعب تحديد متى نشأت الأسطورة ؟  بينما يعتقد بأن مصاص الدماء ولد من أعمال سحر في مصر القديمة ،حيث تم استدعاء شيطان إلى هذا العالم من العالم الآخر , كما أن هناك العديد من الاختلافات بين مصاصي الدماء في ثقافات العالم المختلفة , فهناك مصاصي دماء آسيويين ، مثل jiangshi الصينية (chong-shee) ، وهي أرواح شريرة تهاجم الناس وتستنزف طاقة حياتهم ؛ وكذلك هناك آلهة الغضب التي تشرب الدم والتي تظهر في أساطير التبت ، وغيرها الكثير.

كما يربط الناس عادة مصاصي الدماء بالكونت دراكولا الشهير - الشخصية الأسطورية الماصّة للدماء في رواية الأيرلندي برام ستوكر الملحمية - دراكولا- التي نُشرت عام 1897 ,وكما يعرفها الكثيرون منا, فإن رواية ستوكر تجري معظم أحداثها في إنجلترا وذلك منذ اللحظة التي وصل فيها دراكولا - مصاص دماء ترانسيلفانيا - على متن سفينة في ويتبي - شمال يوركشاير - وخطط لشراء عقار Carfax في جنوب إنجلترا ليكون مخبأه .
ملحوظة : عقار Carfax Abbey هو عقار وهمي تم ذكره في كتاب برام ستوكر , ولكنه يستند في صفاته على كاتدرائية السيدة العذراء الواقعة في ، يوركشاير ، إنجلترا .
 ولكن في الحقيقة , تاريخ مصاص الدماء بدأ قبل مولد ستوكر بوقت طويل , فدراكولا لم يكن اول مصاص دماء في الأدب الإنجليزي , حيث ظهرت شخصية مصاصي الدماء أولاً في الأدب الإنجليزي في قصة " جون بوليدوي " القصيرة عام 1819 " The Vampyre " .
كان مصاص دماء جون بوليدوري يُدعى" اللورد روثفن " "Lord Ruthven " , واستوحى تلك الشخصية من شخصية "اللورد بايرون " التي ظهرت في رواية للكاتبة كارولين لامب (Glenarvon) عام (1816) , لذا فإن أول مصاص دماء خيالي كان نبيل إنجليزي شرير .
لقد مر تقريباً 200 عام على ظهور هذا النموذج الدرامي البيروني لمصاصي الدماء , ولكن ماذا نعرف عن اعتقاد الإنجليز في وجود مصاصي الدماء خارج حدود الخيال والأدب ؟

ازدهرت خرافات مصاصي الدماء في العصور الوسطى ، خاصة وأن الطاعون قد أهلك بلدات بأكملها , وغالبًا ما ترك المرض وراءه آفات الفم النازفة على ضحاياه ، والتي كانت بالنسبة إلى غير المتعلمين علامة أكيدة على أن هذا الميت هو مصاص دماء, فلم يكن من المألوف وصف أي شخص مصاب بمرض جسدي أو نفسي بمصطلحات طبية كما نعرفها اليوم , كالـ البورفيريا مثلاً ، وهي اضطرابات دموية يمكن أن تسبب تقرحات شديدة على الجلد عند التعرض لأشعة الشمس ،ويمكن تخفيف بعض أعراض البورفيريا مؤقتًا عن طريق تناول الدم ,وهذا المرض قد يكون ارتبط بأسطورة مصاص الدماء ,  كما هناك أمراض أخرى قد يُلقى عليها اللوم  في الترويج لأسطورة مصاصي الدماء  مثل داء الكلب أو دراق الغدة الدرقية.
ولكن كشف بحث جديد في جامعة هيرتفوردشاير عن عدد من أساطير مصاصي الدماء وأعادة تقييمها - واتضح أنها ليست محصورة جميعًا في عوالم الخيال.

مصاص دماء كمبرلاند

في حوالي العام 1750 وفي مكان يُدعى كروغلين جرانج في كمبرلاند ببريطانيا , دارت الأحاديث عن مصاص دماء هاجم عائلة فيشر .
تم سرد تلك القصة في مذكرات الدكتور  أوجستس هير - وهو رجل دين - في عام 1871 .
وفقاً لهذه الأسطورة , فإن مصاص دماء كروغلين جرانج كان يتسلل ليلاً ليقوم بخدش النوافذ لمنزل عائلة فيشر , قبل أن يختفي في قبو قديم .
ويستكمل دكتور أوجستس حكايته , بإن السكان قد اكتشفوا أن هذا القبو مليء بالتوابيت التي تم كسرها , وخرجت منها الجثث مشوهة بشكل فظيع , ومبعثرة على الأرض , ماعدا - تابوتاً واحداً كان لا يزال سليماً , لكن غطاءه وكأنه قد تحرك من مكانه , ولم يكن بداخل التوابت سوى مصاص دماء كروغلين كجثة سليمة تماماً , بل كجثة نابضة بالحياة .
وفي حين أنه لم يتم التحقق من مصاص دماء كروغلين مطلقًا - إلا أنه كان له حياة آخرى في القرن العشرين ، حيث ظهر كمصاص دماء بريطاني في عام 1977 في مختارات من الرعب التي كتبها  دانييل فارسون ، الذي تبين أنه أحد أحفاد برام ستوكر .

خفافيش رينويك

وفي مكان آخر في كمبريا , كان يُعرف أهالي "رينويك " سابقاً باسم " الخفافيش " , وذلك بسبب الأقاويل عن المخلوقات المتوحشة التي خرجت تطير من أنقاض كنيسة هناك عند إعادة بناءها في عام 1733 .
وبما أن وجود الخفافيش مصاصة الدماء لم يكن مؤكداً قبل حلول عام 1832 , عندما شاهد " تشارلز داروين "  أثناء رحلته إلى أمريكا الجنوبية خفاشاً يتغذى على دماء حصان , وقام برسم هذا المشهد ,  فإن الناس قبل ذلك قد أشاروا إلى تلك المخلوقات على أنها مخلوقات شيطانية وربطوا بينها وبين بعض وحوشهم الأسطورية كـ " كوكاتريس " - وهو مخلوق أسطوري برأس ثعبان وأقدام وأجنحة ديك .

كابوس في باكينجهامشير

- حالة أخرى لم ترتبط بالخيال في قصص مصاصي الدماء , ومعروفة باسم " مصاص دماء  باكينجهامشاير " والتي سجلها ويليام نيوبورج في القرن الثاني عشر , وتشير تلك السجلات التاريخية إلى أن سانت هيو ، أسقف لنكولن , تمت دعوته للتعامل مع كيان مرعب أثار ريبته , فراح يرسل إلى أساقفة المناطق الأخرى , ليستفسر عن تلك الحالات الغريبة من الهجمات في لنكولن , ليتبين أن هناك هجمات مماثلة أيضاً حدثت في أماكن أخرى في إنجلترا , وأخبروه أنه لن يتحقق أي سلام في المنطقة حتى يتم حفر قبر من يشتبه أنه مصاص دماء ومن ثم حرقه , حتى لا يعود للحياة مرة أخرى .

مصاصي دماء يوركشاير

هذه الممارسات التي استمرت في انجلترا لفترات طويلة كانت دليل على اعتقاد طويل الأمد بفكرة وجود مصاصي الدماء في بريطانيا , ومن المثير للدهشة , أنه في قرية Wharram Percy في يوركشاير , تم اكتشاف أكثر من 100 رفات يُعتقد أنه يعود لما ظنه الناس وقتها أنهم " مصاصي دماء " مدفونة في مكان عميق أسفل القرية , وقد تم العثور على تلك العظام منذ أكثر من نصف قرن , ويعود تاريخها إلى ما قبل القرن الرابع عشر .
كان يُعتقد في أول الأمر أن تلك العظام تعود لضحايا آكلي لحوم البشر أثناء مجاعة أو ربما كانت نتيجة حدوث مذبحة في القرية
ولكن الهياكل العظمية التي تم العثور عليها كانت مكسورة ومحروقة , ومشوهة بشكل متعمد , مما رجح الإعتقاد في أن تلك الممارسات قد تمت لمنع عودة الأموات من أجل إيذاء الأحياء و كما كان يُعتقد في ذلك الوقت .
أظهر سكان Wharram Percy بالفعل إيماناً واسع النطاق بقصص العائدين من الموت , وقد قاوموا خطر التعرض لهجمات مصاصي الدماء عن طريق التشويه المتعمد لجثث موتاهم وحرق عظامهم وتقطيع جثثهم بما في ذلك النساء والأطفال والمراهقين , في محاولة منهم لدرء ما يعتقدون أنه يمكن أن يكون " طاعون من مصاصي الدماء " .

مصاص دماء لوغانو

( David Pickel/Stanford University)

وفي الآونة الأخيرة , وفي موقع روماني قديم في إيطاليا , تم اكتشف جمجمة مقطوعة لطفل يبلغ من العمر 10 سنوات , وفي فمه صخرة كبيرة لمنعه من العض ومصّ الدماء كما يُعتقد , ويُرجح الباحثون إلى أن تلك الجمجمة تنتمي لشخص يشتبه أنه مصاص دماء من القرن الخامس عشر كان يسميه السكان المحليون بـ " مصاص دماء لوغانو" وفقاً للسجلات التاريخية .
كانت هناك أيضاً مجموعة كبيرة من القصص الأخرى من المملكة المتحدة وأجزاء أخرى من أوروبا الغربية - ولكن على الرغم من ذلك - وبفضل أسطورة دراكولا , يفترض معظم الناس أن تلك الممارسات والمعتقدات تنتمي إلى أجزاء نائية من أوروبا الشرقية .

مصاصة دماء رود آيلاند " ميرسي براون  " 

ميرسي براون Mercy Brown قد تنافس الكونت دراكولا باعتبارها مصاص الدماء الأكثر شهرة على أرض الواقع , فعلى عكس الكونت دراكولا ، كانت ميرسي شخصية حقيقية, عاشت في إكسيتر ، رود آيلاند وكانت ابنة المزارع جورج براون .
فبعد أن فقد جورج العديد من أفراد الأسرة ، بما في ذلك Mercy ، في أواخر القرن التاسع عشر بسبب مرض السل ، استخدم مجتمعه Mercy كبش فداء لتفسير وفاتهم , حيث كان من الشائع في ذلك الوقت إلقاء اللوم في العديد من الوفيات في أسرة واحدة على "كيان عائد من الموت". وغالبًا ما يتم استخراج جثث كل فرد من أفراد الأسرة من القبر , ثم البحث عن علامات تدل على أنه مصاص دماء
وعندما تم استخراج جثة ميرسي لم تكن متعفنة أومتحللة (وهذا ليس مفاجئًا ، حيث تم وضع جسدها في قبو فوق سطح الأرض خلال فصل الشتاء في نيو إنجلاند) ، ولكن اتهمها سكان البلدة بأنها مصاص دماء , فأخرجوها من القبر ,وقاموا بتقطيع قلبها وأحرقوه ، ثم أطعموا رماد القلب لأخيها المريض , وربما ليس من المستغرب أن أخيها قد مات بعد ذلك بفترة قصيرة .

بشكل أو بآخر .. كان مصاصو الدماء جزءاً من الثقافة الشعبية والفلكلور بأشكاله المختلفة لآلاف السنين , ولا أعتقد أن مصاصي الدماء سيسمحون لوجودهم بالزوال من ثقافات الشعوب في أي وقت قريب .

أترك تعليقا

هناك تعليقان (2):

إعلان فوق التدوينة


إعلانات

إعلان أسف التدوينة


إعلانات

كافة الحقوق محفوظة لــ عالم المعرفة 2017 - 2018 | تصميم : آر كودر