- غالباً ما نفكر في نظامنا الشمسي باعتباره عائلة واحده كبيرة من الأجرام السماوية , والتي تتفاعل مع بعضها البعض وتؤثر على بعضها البعض بطرق مختلفة , فلدينا الشمس في الوسط , وثمانية كواكب ( تسعة إذا كنت لا تزال ترغب في حساب بلوتو ككوكب ) - والتي تشكل جميعاً الأعضاء الرئيسية في هذه العائلة .
كل كوكب من تلك الكواكب يحافظ على مداره الخاص حول الشمس , إلى جانب سلسلة من الأقمار التي تدور حول كل كوكب , تعيش كل هذه الأجرام السماوية في تماسك وتناغم تام داخل النظام الشمسي , وهذا هو أحد العوامل الحاسمة التي تسمح بازدهار الحياة على كوكب الأرض .
ومع ذلك قد تتسآل يوماً عن ما الي سيحدث إذا اختفى أحد الكواكب فجأة , ماذا سيحدث لهذا " الانسجام التام " للنظام الشمسي , وما هي الآثار المترتبة على ذلك الحدث ؟
- من أجل الكشف عن تلك الفرضية , يجب علينا أولاً أن نلقي نظرة فاحصة على ما يُسمى بـ التفاعل الجاذبي .
يُدرك معظمنا أن الجاذبية هي القوة التي يمتلكها أي جسم لديه كتلة ووزن ويؤثر بها على الأجسام القريبة له , فكل جسم يمتلك كتلة يجذب الأجسام الأخرى بقوة الجاذبية , وكلما ازدات كتلة الجسم , كلما زادت قوة جاذبيته , كما تلعب المسافة بين الأجسام دوراً كبيراً في تحديد تأثير تلك الجاذبية , فالمسافات كلما كانت أكبر تتسبب في ضعف قوة الجاذبين بين الجسمين .
وفي نظامنا الشمسي , نجد أن لكل كوكب وزن أكبر من 10^23 كيلو جرامات , والمسافات بين كل كوكب وآخر واسعة جداً أيضاً , لذا فالكواكب تؤثر فعلياً على جاذبية بعضها البعض ولكن فقط بكميات ضئيلة , لإن القوة الدافعة الحقيقية للجاذبية في النظام الشمسي هي شمسنا , فهي التي تُسيطر على مدارات الكواكب , واختفاء الشمس سيؤدي إلى فوضى في جميع أنحاء النظام الشمسي .
أما تأثير إختفاء كوكب ما سيعتمد على ماهية الكوكب الذي اختفى , فدعونا نتطرق لكل كوكب على حدة لنرى مدى تأثير إختفاء كل واحد منهم على نظامنا الشمسي ...
1- كوكب عطارد
- عطارد هو أول وأصغر كوكب موجود في نظامنا الشمسي ( مرة أخرى - إذا كنت لا تحتسب بلوتو ) - وعطارد هو الأقرب إلى الشمس , ويتأثر بشدة بقوة جاذبيتها , لذا فاختفاء عطارد من شأنه أن يسبب تغييرات لا تُذكر في النظام الشمسي , فصغر حجم الكوكب وقربه من الشمس يجعله مجرد بقعة في النظام الشمسي .
2- كوكب الزهرة
- كوكب الزهرة هو ثاني كوكب في المجموعة الشمسية , ويُشار إليه عموماً بتؤام الأرض , كما أنه أكثر ثاني جسم مشع بعد القمر , ولن يكون لاختفاء كوكب الزهرة العديد من التأثيرات الكونية , ولكننا بالتأكيد سوف نخسر نجم صباحي مضيء .
3- كوكب الأرض
- حسناً .. بحلول هذا الوقت , يجب أن نكون على دراية بالأرض , فبعد كل شيء هي منزلنا , وهي الوحيدة الداعمة للحياه من بين أكثر 4050 كوكب تم اكتشافه , فما سيحدث لو اختفت الأرض فجأة .. الحقيقة لن يؤثر الأمر إلا في شيء واحد ربما - لن يتمكن أحد من قراءة هذا المقال !
4- كوكب المريخ
- كوكب المريخ والمعروف باسم الكوكب الأحمر , هو الكوكب الرابع للنظام الشمسي , وقد تلقى هذا الكوكب الكثير من الاهتمام من قبل البشر , فهبّت إليه 56 رحلة استكشافية لسبر أغواره , ولكن إذا اختفى المريخ , فإن تهديد الكويكبات القريبة من الأرض سوف يتناقص بشكل كبير , فحزام الكويكبات هو حزام هائل من الكويكبات التي تقع بين المريخ والمشترى , وتُشكل أكبر تهديد لكوكب الأرض .
كوكب المشترى يعمل على الاحتفاظ بتلك الكويكبات بحزم , ولكن في بعض الأحيان وبسبب تأثير صدى الجاذبية , تمارس الشمس قوة جاذبيتها على هذا الوضع فتسحب الكويكبات نحوها , بينما تلعب جاذبية كوكب المريخ دوراً كبيراً , فالمريخ يصبح في تلك الحالة كمقلاع يقذف الكويكبات نحو الأرض , لذا فاختفاءه سوف يقلل من خطر تقدم تلك الكويكبات نحو كوكبنا .
5- كوكب المشترى
- كوكب المشترى هو الكوكب الخامس والأكبر من بين جميع الكواكب في نظامنا الشمسي .
إن اتساع كوكب المشترى يسمح له بأن يمتلك قوة جاذبية كبيرة جداً على الأجسام القريبة منها , كما أنه يعتبر الأخ الأكبر للأرض , لإنه يحميها من الأخطار الفضائية العديدة , ففي الواقع يقوم كوكب المشترى بحماية الأرض من الكويكبات التي لا حصر لها على مدى مليارات السنين الماضية , ويمتلك المشترى حقل جاذبية واسع وقوي بحيث يمكنه إبعاد الكويكبات عن الأرض وإخراجها من النظام الشمسي , كما تتصادم المذنبات الطويلة المدى بكوكب المشترى العملاق تاركة بعض الندوب المثيرة للإعجاب , كما أن كوكب المشترى يقوم بتقليل خطر الكويكبات الموجودة في حزام الكويكبات كي لا تصطدم بالأرض , ولكن من حيث ترتيب النظام الشمسي , لن يكون لاختفاء كوكب المشترى أي تغييرات ملحوظة , بينما ستظهر بعض الآثار لاحقاً , لكن ذلك سيستغرق آلاف السنين .
6- كوكب زحل
- زحل هو الكوكب السادس للنظام الشمسي , وثاني أكبر عضو في المجموعة , ويُعرف زحل بمجموعته الرائعة من الحلقات , مما يجعله يبدو بشكل رائع في الفضاء , كما أن زحل يمتلك 62 قمراً , أحدهما قمر تيتان Titan ذو الحجم الأكبر من كوكب عطارد.
اختفاء كوكب زحل سوف يؤثر على مدارات كوكب المشترى وأورانوس بدرجة ما نظراً لحجمه الكبير وكتلته الهائلة , ومع ذلك , نظراً لبعده عن الكواكب الداخلية , فسيكون من الصعب أن نتخيل أن زحل سيكون لاختفاءه تأثير مماثل على الكواكب الداخلية الأصغر .
7- كوكب أورانوس
- أورانوس يُعتبر ثالث أكبر كوكب في المجموعة الشمسية , ويقع بعيداً جداً بحيث لا يؤثر على مجموعة الكواكب الداخلية أو الحلقة الداخلية للنظام الشمسي , ولكنه يؤثر بالتأكيد على الحلقة الخارجية للنظام الشمسي بما في ذلك حزام كويبر .
8- كوكب نبتون
- نبتون هو الكوكب الأخير في نظامنا الشمسي , ويقع وراء نبتون حزام كويبر , وحزام كويكبات والعديد من الكواكب القزمة , بما في ذلك بلوتو .
يُسيطر نبتون بشكل كبير على مدارات وحركات الأجسام الموجودة في حزام كويبر بجاذبيته الكبيرة , وذلك لإن جاذبية الشمس تكون أقل بكثير عند هذه الحدود البعيدة للنظام الشمسي .
نبتون له تأثير كبير على مدار بلوتو كذلك , وقد يؤدي إختفاءه إلى حدوث فوضى وتصادمات في حزام كويبر , وسيؤثر ذلك أيضاً على بلوتو ,لكن تأثيره على الحلقة الداخلية من الكواكب يكاد لا يُذكر .
الخلاصة ...
من المثير للدهشة أن اختفاء كوكب - باستثناء المشترى وربما زحل - لن يغير العالم من حولنا بشكل جذري كما قد تتخيل , فقد تكون التغييرات التي تحدث ضئيلة جداً ولكن مع مرور الوقت قد تزداد تلك التغييرات تدريجياً , وحتى بعد مرور مليون عام من الصعب القول كيف ستتفاعل تلك التغييرات وكيف ستتطور , فإننا سوف نحتاج إلى نموذج رياضي معقد جدا - لا نملكه حاليا - لفهم ما قد يحدث في تلك الحالة , لذا ابق هادئاً واسترخ , فعلى الرغم من أن اختفاء كوكب ما من نظامنا الشمسي قد يبدو غريباً , إلا أنه لن يؤثر على حياتنا اليومية على الإطلاق .
المصدر / scienceabc
أترك تعليقا
ليست هناك تعليقات