- الغابات المطيرة من أكثر بقاع الأرض زخراً بالحياة , فهي ليست فقط مأوىً لملايين الأنواع من النباتات والحيوانات , ولكنها أيضاً بمثابة الوطن لأؤلئك الذين يعيشون بين أشجارها الكثيفة .
في الواقع فإن الكثير من الشعوب الأصلية قد عاشت في الغابات المطيرة من آلاف السنين , وتُشير الحسابات التاريخية إلى أن هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر كثافة من قبل (أي قبل وصول المستكشفين الأوروبيين ) , ولكن إختفى العديد من هذه الشعوب تماماً مثل ( الكاربيين ) - وقد سميّ البحر الكاريبي بهذا الإسم نسبة إليهم - والبعض الآخر لم يتبقى منهم إلا القليل الذين شكلوا تجمعات صغيرة في الغابات , إلا أن الآلاف من تلك المجموعات العرقية المتميزة , مازالت لها لغتها وثقافتها الخاصة في الغابات الإستوائية المطيرة في جميع أنحاء العالم حتى الآن .
وبما أن غابات الأمازون المطيرة في أمريكا الجنوبية , هي ملكة الغابات الإستوائية , فقد حظت بنصيبٍ وفيرٍ من الشعوب الأصلية التي سكنت هناك منذ زمنٍ بعيد .
فالسكان الأصليين للأمازون مثل قبائل يانومامو , وكايابو , تعيش في منطقة الأمازون من آلاف السنين , ولديهم المعرفة المفصّلة عن كيفية العيش في تلك الغابات .
كيف تعيش قبائل الأمازون داخل الغابات ؟
- وفقاً لبعض التقديرات , يعتقد الباحثون أن أول المستوطنات البشرية كانت في منطقة غابات الأمازون قبل 32,000 إلى 39,000 سنة , ومنذ ذلك الوقت تعايش سكان غابات الأمازون بشكل جيد مع فوائد وقيود الغابات المطيرة .
فالحياة بغابات الأمازون المطيرة كانت عادة تقع بالقرب من الأنهار , التي تتمتع بالحياة البرية المتنوعة من الأسماك , الزواحف , وخنازير الماء وغيرها , ولذا كانت قبائل الأمازون تستغل ذلك في الحصول على الطعام .
source - brasiltravel.com - رجل من قبائل الأمازون يصطاد |
معظم القبائل المتبقية تعيش الآن في المناطق الداخلية من الغابات , ويعيشون هناك في مجموعات صغيرة , وإن كانت كلها تقريباً قد تأثرت بالعالم الخارجي , و وبدلاً من إرتداء ملابسهم التقليدية , فإن معظم أفرد تلك القبائل أصبحوا يرتدون الملابس الغربية ويستخدمون الأواني والمقالي المعدنية في حياتهم اليومية , كما أن بعضاً من تلك المجموعات تعمل بالحرف اليدوية , وبيع أعمالهم للسياح , في حين أن مجموعات أخرى تقوم بزيارات روتينية إلى المدن لإحضار الأطعمة والأدوات إلى أسواقهم .
ولا تحصل أية مجموعة محلية حالياً على أغلبية طعامها عن طريق الصيد كما في الماضي , بل يعتمدون على زراعة المحاصيل مع الصيد ,فإلى جانب صيد الأسماك والفاكهة البرية والمكسرات , فإنهم يقومون بالزراعةوعادة ما يكون لكل أسرة منزل به حديقة تنمو بها نباتات متنوعة مزروعة, وقد تكون حديقة كبيرة لزراعة الموز والأرز وغيرها .
لذا فلا تعيش قبائل الأمازون اليوم تقريباً كما كانوا يعيشون في الماضي في زمن الأسلاف , وعلى الرغم من ذلك , فلا تزال عشرات المجموعات تعيش في عزلة تامة وترفض الإتصال مع العالم الخارجي , ويعيش معظمهم في البرازيل والبيرو , ولا يزالون يعيشون كما كان يفعل أسلافهم قبل آلاف السنين , حيث يحصل أفراد تلك الجماعات على طعامهم وأودويتهم وملابسهم من الغابة .
وحتى الآن بعضاً من تلك القبائل تستخدم الرماح والسهام المطعمة بالسم من أجل صيد الحيوانات , ولكن تلك الأسلحة البدائية قد إستبدلتها بعض القبائل الأخرى بالبنادق والأسلحة الحديثة , عندما تكون متاحة بالنسبة إليهم .
كيف كان تأثير المستعمرين الأوروبيين على قبائل الأمازون ؟
source - survivalinternational |
- فقد السكان الأصليون حياتهم وأرضهم التي يعيشون فيها لآلاف السنين منذ أن بدأ الأوربيون بإستعمار أراضيهم قبل 500 سنة , فعندما وصل الأوربيون لأول مرة إلى أمريكا الجنوبية , كان هناك حوالي 6,8 مليون نسمة من السكان الأصليين , لكن هؤلاء المستعمرون قد جلبوا الإضطهاد والرق والأمراض لقبائل غابات أمريكا الجنوبية , فمنذ أن قام فرانثيسكو بيثارو بغزو إمبراطورية الإنكا هناك , واصل الأسبان والبرتغاليين هجومهم على هذا الشعب ,فإنخفضت أعدادهم بنسبة 90% , وكانت المجتمعات التي تعيش بالقرب من الأنهار هي أول من تأثرت بذلك الغزو الهمجي , حيث إستخدم المستعمرون الأنهار كوسيلة للغزو , ولكن القبائل التي كانت تعيش في أعماق الغابات نجت في البداية من أسوأ جوانب هذا الهجوم الأوروبي .
وقد جلبوا معهم امراض مثل الحصبة والجدري وحتى الإنفلونزا العادية , التي قضت على الكثير من السكان الأصليين , لإنهم لم يكن لديهم حصانة ضد تلك الأمراض ,حيث لم يتعرضوا لها من قبل بعكس الاوروبيون الذين كانوا يتمتعون بمناعة ضد تلك الأمراض الطفيفة , ولم يقتصر الأمر على المرض فقط , بل قتل المستعمرون العديد من السكان الذين تمسكوا بأراضيهم , وقاموا بإستعبادالآخرين للعمل في مزارع السكر والمناجم , وتسببوا في تدمير أفدنة كثيرة من الغابات المطيرة .
- وعلى الرغم من أن السكان الأصليين قد عاشوا على أراضيهم لآلاف السنين إلا أنهم لا يملكونها , لإنهم لم يمتلكوا ملكية قانونية للإراضي ولا تعترف الحكومات بحقهم في الأرض لذا لم يكن لديهم خيار سوى الإنتقال من مكان إلى آخر كل فترة , فبعض الجماعات التي تعتمد على الصيد , تعيش في مستوطنات مؤقتة صغيرة لمدة 4 إلى 5 سنوات حتى تستنفذ جميع الموارد الطبيعية ثم تنتقل , وبسبب إستعمار الأراضي من قبل السكان غير الأصليين , إدى ذلك إلى إضطرار العديد من الجماعات المحلية على العيش وفقاً لأنماط الحياة المستقرة , وأصبحوا من الفلاحين .
هذه التغيرات لم تدمر الأنماط التقليدية للقبائل الأصلية فحسب , بل تسببت في فقدانهم السيطرة على أراضيهم ضد أولئك الذين يستفيدن منها من الغرباء , مثل مالكي مناجم الذهب , والمستعمرين الآخرين .وغالباً ما يعيشون في فقر لإن ليس لديهم مهارات كافية للتعامل مع نمط حياة المدينة والثقافة الحضرية وكذلك اللغة .
هل أطفال قبائل الأمازون يذهبون إلى المدارس ؟
- الحقيقة أن معظم أطفال قبائل الأمازون , لا يذهبون إلى مدارس مثل مدارسنا , فبدلاً من ذلك هم يتعلمون كل شيء عن الغابات من والديهم أو من غيرهم من الناس في مجتمعاتهم القبلية .
يتم تدريس الأطفال كيفية البقاء على قيد الحياة في الغابة , فهم يتعلمون كيفية صيد الأسماك والحيوانات , ويتعلمون كيف يميزون بين النباتات الصالحة للأكل ,والسامة , وأي النباتات تُستخدم كدواء .
بعض هؤلاء الأطفال يعرفون الكثير عن الغابات المطيرة أكثر مما يعرفه العلماء الذين درسوا الغابات المطيرة لسنوات عديدة .
السكان الأصليون من قبائل الأمازون , يقدسون الغابة , حتى في وقتنا الحاضر , ويعملون على حمايتها من الغرباء , حيث تمنحهم كل ما يحتاجونه , ووجودهم بالغابات يمكن أن نطلق عليه " الوجود المستدام " , وهذا يعني أنهم يستخدمون الأرض دون الإضرار بالنباتات والحيوانات , لذا يعتبرون الغابات المطيرة وطنهم - وكم قال حكيم من إحدى القبائل الأصلية " الأرض هي تاريخنا , معلمنا , ومصدر الغذاء , والدواء , والملبس الحماية , وهي أم أجناسنا " .
المعتقدات الدينية لقبائل الأمازون
- إن العالم الروحي شيئاً مهماً للغاية بالنسبة للسكان الاصليين لأمريكا الجنوبية , فغالبية ثقافات قبائل الأمازون تعتمد على إعتقاد يعتبر الغابات المطيرة موطناً للحياة الروحية , فوفقاً لإعتقادهم الديني , فهم يرون أن كل زهرة , وكل نبتة , وأي حيوان بالغابة , يحمل كل منها روح خاصة !
ووفقاً لمعتقدهم فإنهم يستطيعون التقرّب من هذا العالم الروحي عن طريق إستخدام النباتات التي تحتوي على بعض المهلوسات ( تسبب الهلوسة ) , فمثلاً قبيلة يانومامي التي تعيش في جنوب فنزويلا وشمال البرازيل , تقوم بتنفيذ طقوس خاصة بإستخدام العقاقير المهلوسة التي تم إعدادها من لحاء شجرة فيرولا , وذلك بهدف رؤية الأرواح حسب إعتقادهم .
أما مُعتقد الشامان الذي تعتنقه بعض الجماعات الأصلية بالأمازون , فيدعو أيضاً إلى معرفة النباتات والحيوانات التي تعيش بالغابة لأن عن طريقها يمكن التواصل مع عالم الروح , كما يمكن إستخدام قوة تلك الأرواح في شفاء أفراد القبيلة , والتحذير من هجوم الأعداء .
والشامان لايرون أنفسهم مهلوسين كما يراهم الناس في كثير من الاحيان , ولكن بالنسبة لهم , فإن هذه النباتات كالكاهن , وتُمثل معرفة الله على الأرض , وبالتالي فإنها نحمل سلطة تسمعح للشامان بإن يتغير من حالة الوعي إلى اللاوعي , مما يتيح لهم بإن يدركوا عالمهم بطرق جديدة ومختلفة , وإكتسب المعرفة التي يسعون إليها من أجل شفاء شعوبهم .
وقد كشفت الأبحاث التي أجرتها جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو , أن قبائل الشامان لديهم فهم متطور نسبياً للعديد من الحالات الطبية .
عالم الواجابي Wajapi
- يعيش بعض السكان الأصليون في واجابي في منطقة تكسوها الغابات الكثيفة , بالقرب من ينابيع بعض روافد نهر جاري , شمال شرق البرايل
ووفقاً لقبائل واجابي , فإن حيوانات الغابة - على الرغم من مظهرها - إلا أنها في الواقع أرواح بشر , وهذه الأرواح تعيش في مجتمعات تشبه مجتمعاتنا , كما أن الأشجار ومعظم النباتات كذلك تُعدّ من تلك الارواح , ولكن فقط المعالجين والشامان هم القادرون على التواصل معهم .
- غابات الأمازون المطيرة في البرازيل هي موطناً لأكثر القبائل عزلة في العالم , ويُعتقد أن هناك ما لا يقل عن 100 مجموعة معزولة تعيش في هذه الغابات المطيرة - وفقاً لما ذكرته إدارة الشؤون الهندية فوناي -ومن المؤكد أن قرار تلك القبائل بعدم البقاء على إتصال مع العالم الخارجي لهو قرار ناتج عن الغزو , و المواجهات الكارثية مع المستعمرين , الذين دمروا منازلهم وسرقوا أرضهم من قبل .
فعلى سبيل المثال - المجموعات التي لم يتم الإتصال بها , والتي تعيش في ولاية إكراي Acre , هل على الأرجح مجموعات ناجية من موجة الإستعباد التي لحقت بالكثير من السكان الأصليين خلال الفترة بين (1879 و 1912) , حيث فرّوا من أراضيهم بالقرب من الأنهار , وإختبئوا داخل الغابات , ولكن ظلت تلك الفظائع التي طالت أسلافهم , باقية في أذهانهم حتى وقتنا هذا .
- وفي إكري , يمكن أن يكون هناك ما يصل إلى 600 فرداً من السكان الأصليين , وينتمون إلى أربع مجموعات مختلفة , وهم يعيشون في هدوء نسبي في العديد من المناطق التي لم تمسها قدم بشر من العالم الخارجي .
- وقد تم العثور على أقواس هائلة الحجم وسهام تستخدمها تلك القبائل , حيث يصل طول القوس الواحد إلى اكثر من أربعة أمتار .
source - survivalinternational.org |
ومن الواضح أنهم يحبون تناول السلاحف حيث تم العثور على أكوام من أصداف السلاحف في المخيمات المهجورة .ويُعتقد أن تلك المجموعات التي لم يتم الإتصال بها , تذهب إلى حافة الإنقراض , حيث لا يزالون يتعرضون إلى المطاردة والقتل , وتدمير منازلهم عن عمد , وكذلك تتعرض أراضيهم من الغابة إلى قطع الأشجار من أصحاب الماشية وغيرهم .
كما تقول بعض التقارير أن بعضهم قد تخلى عن أراضيه بسبب الضجيج والتلوث الناجم عن ٌإقتراب مواقع البناء من مساكنهم في الغابات .
وجميعهم معرضون بشدة لأمراض الإنفلونزا أو البرد العادي الذي ينقله الأجانب , حيث لا يوجد لديهم مناعة ضد تلك الأمراض .
source - survivalinternational.org |
- وفي أوائل عام 2011 , نشرت منظمة سورفيفال إنترناشونال لقطات لقبيلة منعزلة تعيش على الحدود بين البرازيل والبيرو , وقد تم رصدها على مدى 20 عاماً , وأفادت التقارير أن القبيلة تتغذى على بعض الخضروات التي يقومون بزراعتها , بما في ذلك اليقطين , والموز , الكاسافا, الذرة , ولحوم بعض الحيوانات التي يصطادونها من الغابة .وقد ظهر أفراد تلك القبيلة بأجساد مطلية باللون الأحمر , وكان الرجال لهم شعر طويل محلوق من عند الجبين .
- ولا يُعرف سوى القليل جدا عن هذه الشعوب , ولكن ما يعرفه الباحثين جيداً , هو انهم يرغبون في البقاء دون إتصال , فهم إما يطلقون السهام على الطائرات التي تحلق فوق مساكنهم , أو الغرباء الذين أرادوا الإقتراب منهم , أو ببساطة يختبئون في عمق الغابات - وطنهم الأول .. والأخير .
أترك تعليقا
ليست هناك تعليقات