-->

ألوان الزرنيخ التي سممت العصر الفيكتوري

الخميس، 20 ديسمبر 2018

ألوان الزرنيخ التي سممت العصر الفيكتوري

إعلان فوق التدوينة


إعلانات

 الزرنيخ,العصر الفيكتوري,تسمم,منجم,نحاس,زرنيخ أخضر,ورق جدران,ويليام موريس
منذ أكثر من قرن من الزمان , كان السم شيئاً شائعاً في الحياة اليومية للعصر الفيكتوري , فقد تم استخدام الزرنيخ arsenic - وهو الفلز الفسفوري سيء السمعة - في جميع أنواع المنتجات, وفي المقام الأول تم استخدامه في صنع الأحبار والأصباغ لتلوين اللوحات الفنية وورق الجدران والأقمشة والملابس بشكل جميل .
ولأن الزرنيخ عديم الطعم والرائحة , فقد دخل أيضاً في صناعة الطعام باعتباره ملوناً للأطعمة , وكان يُستخدم في صنع منتجات التجميل مثل رقاقات بشرة الزرنيخ والتي كانت شائعة بين النساء باعتبارها قادرة على جعل البشرة بيضاء نقية  , وذلك حتى أواخر العشريننيات من القرن العشرين .
كما تم العثور على الزرنيخ في نسيج عربات الأطفال , والأسمدة النباتية والأدوية حيث تم إستخدامه في صنع حبوب منع الحمل في النمسا .

- كانت هناك العديد من الدراسات حول ورق الجدران أو الخلفيات التي أنتجها " ويليام موريس " على وجه الخصوص , حيث كانت تلك الخلفيات الملونة مشبّعة بالزرنيخ , وكانت شائعة للغاية في أواخر القرن التاسع عشر , حيث كان " موريس " وهو المصمم والفنان , وريثاً أيضاً لأكبر منجم نحاس في العالم في ذلك الوقت , حيث كان ينتج غبار الزرنيخ كناتج ثانوي عن أنشطة تعدين النحاس في ذلك المنجم .
لم يتسبب هذا المنجم في إلحاق أضرار بيئية هائلة بالأرض المحيطه به فحسب , بل أن العديد من عمال المناجم قد لقوا حتفهم بسبب مرض في الرئة , فوفقاً لمقال تم نشره في مجلة الطبيعة Nature عام 2003 , كان تفسير " موريس " لموت العديد من عمال منجمه أن السبب " تعرضهم لحمى شديدة " , حيث اتهم الأطباء بالشعوذة عندما قاموا بتشخيص حالات الوفاة بتسمم الزرنيخ , وكان غير راغب في تصديق تلك الكارثة التي كانت ستُطيح بأعماله .

كيف بدأ استخدام الزرنيخ في العصر الفيكتوري ؟

 الزرنيخ,العصر الفيكتوري,تسمم,منجم,نحاس,زرنيخ أخضر,ورق جدران
- في منتصف العصر الفيكتوري في القرن الثامن عشر اكتشف " كارل ولهلم شيل " هيدريد الزرنيخ ( الأرسين ) وزرنيخيت النحاس الحمضي ( الأخضر ) وذلك أثناء دراسته لحمض الزرنيخ , عُرف هذا الزرنيخ النحاسي باسم ( أخضر شيله Scheele ) , وكان منتجاً ثانوياً لصناعة النحاس .
واستخدم فنانو ذلك العصر الزرنيخ النحاسي للحصول على اللون الأخضر في أعمالهم الفنية .
واعتقد الكيميائيون وقتها أن الزرنيخ قد يسبب مشكلة صحية إذا تم تناوله فقط , لذا فقد تم استخدامه في كثير من الأشياء .
وفي حوالي ستينيات القرن التاسع عشر , بدأت حالات التسمم بالزرنيخ بالوصول إلى عناوين الصحف , حتى أن شركة لتصنيع ورق لاجدران بدأت في جعل منتجاتها خالية من الزرنيخ , ولكن لم يلق أحداً اهتماماً كبيراً بذلك .
واستمر الحال حتى بدأ ظهور المزيد والمزيد من حالات التسم , وبحلول عام 1870 , بدأ " ويليام موريس " في إنتاج خلفيات خالية من الزرنيخ , وحتى هذه المرحلة لم يكن " ويليام موريس " نفسه يعتقد أن الزرنيخ هو المشكلة , ولكنه فعل ذلك تحت ضغط الجماهير الغاضبة , فقد كان يعتقد أن هناك شيئاً آخر هو سبب مرض الناس , لأنه لا يوجد بين أفراد أسرته شخصاً مريضاً على الرغم من وجود خلفيات ورق الجدران المحمل بالزرنيخ على حوائط منزله .

كان عمال المصانع يمرضون - وتوفى منهم الكثير - لأنهم كانوا يعملون في وجود صبغة الزرنيخ الخضراء في المناجم , حيث كان الغبار المحتوي على الزرنيخ يلتصق بأعينهم وبشرتهم , ولأن العديد منهم كان مصاباً بسحجات على الجلد نتيج العمل في المنجم , فإن الزرنيخ كان يدخل مباشرة إلى مجرى الدم ويسممهم بتلك الطريقة .
 وكان من الموضة الشائعة في ذلك الوقت , إرتداء النساء للأكاليل الخضراء الاصطناعية من النباتات والزهور المصبوغة بالزرنيخ الأخضر مما عرضهنّ لاستنشاقه .
حتى في بوسطن , كان جميع الأطفال الصغار مرضى و يتألمون في داراً للأيتام , ولم يعرف أحد السبب , واتضح بعد ذلك أن المربيات في الدار كانوا يرتدينّ زياً أزرقاً مصبوغاً بالزرنيخ , وعلى ما يبدو كان الأطفال الصغار يستنشقون جزيئات الصبغة أثناء حملهم من قِبل المربيات .

وأخيراً في عام 1903 قامت المملكة المتحدة بسنّ تشريعات حول المستويات الآمنه لإستخدام الزرنيخ في الطعام والشراب - على الرغم من عدم وجود مستويات آمنه من الزرنيخ على الإطلاق - ولكن بريطانيا لم تقم أبداً بسنّ قوانين حول منع استخدام الزرنيخ في صناعة ورق الجدران أو الطلاء .
ولكن مع مرور الوقت اختفت حمى استخدام الزرنيخ في صناعة ورق الجدران وألوان الطلاء ولم تعد موضة شائعة , لذا لم ترى بريطانيا سبباً لوضع قانون ضد استخدامه , وحتى يومنا هذا .. مازل لا يوجد أي قانون في بريطانيا يمنع أي شخص من صنع ورق الجدران أو الصبغات من الزرنيخ .

المصدر / theatlantic.com

إختر نظام التعليقات

أترك تعليقا

هناك تعليقان (2):

كافة الحقوق محفوظة لــ عالم المعرفة 2017 - 2018 | تصميم : آر كودر
كن مدون