منذ أكثر من قرن من الزمان , كان السم شيئاً شائعاً في الحياة اليومية للعصر الفيكتوري , فقد تم استخدام الزرنيخ arsenic - وهو الفلز الفسفوري سيء السمعة - في جميع أنواع المنتجات, وفي المقام الأول تم استخدامه في صنع الأحبار والأصباغ لتلوين اللوحات الفنية وورق الجدران والأقمشة والملابس بشكل جميل .
ولأن الزرنيخ عديم الطعم والرائحة , فقد دخل أيضاً في صناعة الطعام باعتباره ملوناً للأطعمة , وكان يُستخدم في صنع منتجات التجميل مثل رقاقات بشرة الزرنيخ والتي كانت شائعة بين النساء باعتبارها قادرة على جعل البشرة بيضاء نقية , وذلك حتى أواخر العشريننيات من القرن العشرين .
كما تم العثور على الزرنيخ في نسيج عربات الأطفال , والأسمدة النباتية والأدوية حيث تم إستخدامه في صنع حبوب منع الحمل في النمسا .
- كانت هناك العديد من الدراسات حول ورق الجدران أو الخلفيات التي أنتجها " ويليام موريس " على وجه الخصوص , حيث كانت تلك الخلفيات الملونة مشبّعة بالزرنيخ , وكانت شائعة للغاية في أواخر القرن التاسع عشر , حيث كان " موريس " وهو المصمم والفنان , وريثاً أيضاً لأكبر منجم نحاس في العالم في ذلك الوقت , حيث كان ينتج غبار الزرنيخ كناتج ثانوي عن أنشطة تعدين النحاس في ذلك المنجم .
لم يتسبب هذا المنجم في إلحاق أضرار بيئية هائلة بالأرض المحيطه به فحسب , بل أن العديد من عمال المناجم قد لقوا حتفهم بسبب مرض في الرئة , فوفقاً لمقال تم نشره في مجلة الطبيعة Nature عام 2003 , كان تفسير " موريس " لموت العديد من عمال منجمه أن السبب " تعرضهم لحمى شديدة " , حيث اتهم الأطباء بالشعوذة عندما قاموا بتشخيص حالات الوفاة بتسمم الزرنيخ , وكان غير راغب في تصديق تلك الكارثة التي كانت ستُطيح بأعماله .
- في منتصف العصر الفيكتوري في القرن الثامن عشر اكتشف " كارل ولهلم شيل " هيدريد الزرنيخ ( الأرسين ) وزرنيخيت النحاس الحمضي ( الأخضر ) وذلك أثناء دراسته لحمض الزرنيخ , عُرف هذا الزرنيخ النحاسي باسم ( أخضر شيله Scheele ) , وكان منتجاً ثانوياً لصناعة النحاس .
واستخدم فنانو ذلك العصر الزرنيخ النحاسي للحصول على اللون الأخضر في أعمالهم الفنية .
واعتقد الكيميائيون وقتها أن الزرنيخ قد يسبب مشكلة صحية إذا تم تناوله فقط , لذا فقد تم استخدامه في كثير من الأشياء .
وفي حوالي ستينيات القرن التاسع عشر , بدأت حالات التسمم بالزرنيخ بالوصول إلى عناوين الصحف , حتى أن شركة لتصنيع ورق لاجدران بدأت في جعل منتجاتها خالية من الزرنيخ , ولكن لم يلق أحداً اهتماماً كبيراً بذلك .
واستمر الحال حتى بدأ ظهور المزيد والمزيد من حالات التسم , وبحلول عام 1870 , بدأ " ويليام موريس " في إنتاج خلفيات خالية من الزرنيخ , وحتى هذه المرحلة لم يكن " ويليام موريس " نفسه يعتقد أن الزرنيخ هو المشكلة , ولكنه فعل ذلك تحت ضغط الجماهير الغاضبة , فقد كان يعتقد أن هناك شيئاً آخر هو سبب مرض الناس , لأنه لا يوجد بين أفراد أسرته شخصاً مريضاً على الرغم من وجود خلفيات ورق الجدران المحمل بالزرنيخ على حوائط منزله .
كان عمال المصانع يمرضون - وتوفى منهم الكثير - لأنهم كانوا يعملون في وجود صبغة الزرنيخ الخضراء في المناجم , حيث كان الغبار المحتوي على الزرنيخ يلتصق بأعينهم وبشرتهم , ولأن العديد منهم كان مصاباً بسحجات على الجلد نتيج العمل في المنجم , فإن الزرنيخ كان يدخل مباشرة إلى مجرى الدم ويسممهم بتلك الطريقة .
وكان من الموضة الشائعة في ذلك الوقت , إرتداء النساء للأكاليل الخضراء الاصطناعية من النباتات والزهور المصبوغة بالزرنيخ الأخضر مما عرضهنّ لاستنشاقه .
حتى في بوسطن , كان جميع الأطفال الصغار مرضى و يتألمون في داراً للأيتام , ولم يعرف أحد السبب , واتضح بعد ذلك أن المربيات في الدار كانوا يرتدينّ زياً أزرقاً مصبوغاً بالزرنيخ , وعلى ما يبدو كان الأطفال الصغار يستنشقون جزيئات الصبغة أثناء حملهم من قِبل المربيات .
وأخيراً في عام 1903 قامت المملكة المتحدة بسنّ تشريعات حول المستويات الآمنه لإستخدام الزرنيخ في الطعام والشراب - على الرغم من عدم وجود مستويات آمنه من الزرنيخ على الإطلاق - ولكن بريطانيا لم تقم أبداً بسنّ قوانين حول منع استخدام الزرنيخ في صناعة ورق الجدران أو الطلاء .
ولكن مع مرور الوقت اختفت حمى استخدام الزرنيخ في صناعة ورق الجدران وألوان الطلاء ولم تعد موضة شائعة , لذا لم ترى بريطانيا سبباً لوضع قانون ضد استخدامه , وحتى يومنا هذا .. مازل لا يوجد أي قانون في بريطانيا يمنع أي شخص من صنع ورق الجدران أو الصبغات من الزرنيخ .
المصدر / theatlantic.com
القصر جميييييييييييييل يا ريتو الي
ردحذفشكرا على المجهود
ردحذف