هل هناك كائنات تمتلك دماً أخضر اللون ؟

- في عام 1969 , عثر اثنان من علماء الأحياء على ثلاث سحالي في غينيا الجديدة , تبدو أحشاءها باللون الأخضر الذي يتراوح بين الأزرق والأخضر الداكن إلى اللون الليموني الداكن .

كشفت أجساد تلك السحالي عند تشريحها عن عظام وعضلات ودماء خضراء , وعندما فُتحت أفواهها ظهرت بلون أخضر , وعند تسليط الضوء على بيضها بدا ما تحت قشرتها بلون أخضر كذلك !

فلماذا الأخضر خصوصاً ؟

يجب أن نعرف أولاً أن دماء الحيوانات تأتي بدرجات متفاوتة من ألوان قوس قزح السبعة , وذلك بسبب اختلاف كيمياء الجزيئات التي يستخدمها الجسم لحمل الأكسجين عبر الدم , فمثلاً أجسام البشر تحتوي على الهيموجلوبين الذي يضفي محتواه من الحديد لوناً قرمزياً على خلايا الدم الحمراء , بينما تستخمد الأخطبوطات والكركند وبعض أنواع السلطعونات مادة الهيموسيانين , والتي تحتوي على النحاس بدلاً من الحديد , فتبدو باللون الأزرق بدلاً من اللون الأحمر -  وهذا هو السبب في أن تلك لمخلوقات تمتلك دماءاً بلون أزرق .

بينما نجد أن بعض الديدان البحرية تمتلك دماً بنفسيجياً لوجود جزيئات باللون البنفسجي في أجسامها مسؤولة عن نقل الأكسجين , كما يحتوي العلق أيضاً على دم أخضر لنفس السبب .

لكن السحالي ذات الدماء الخضراء تستخدم الهيموجلوبين ذو اللون الأحمر كما في أجسامنا نحن البشر , ولكنها مع ذلك تظهر دماءها وأحشاءها باللون الأخضر .. فما السبب في ذلك ؟ !

إن خلايا الدم الحمراء تعيش في أجسامنا لمدة أربعة أشهر فقط أو نحو ذلك , وعندما تموت , تقوم أجسامنا بإعادة تدوير الحديد الموجود داخلها , وهذه العملية تخلق - عن غير قصد - صبغة خضراء تُسمى ( بيليفيردين ) والتي يتم تحويلها بعد ذلك إلى صبغة صفراء تُسمى البيليروبين - وكلاهما صبغتان سُميتان - لذا سرعان ما يقوم الكبد بتصفيتهما من دماءنا .

تظهر أحياناً تلك الصبغات الخضراء والصفراء (البيليفردين والبيليروبين ) بعد حدوث كدمة ما في جسمك , حيث تتكون تلك الصبغات نتيجة موت خلايا الدم الحمراء في مكان حدوث الكدمة .كما أن أصابة الأطفال الرضع بالريقان يكون نتيجة بناء صبغة البيليروبين قبل أن تبدأ أكباد حديثي الولادة في العمل . 

وبالعودة إلى سحالي غينيا الجديدة , فيعتقد بعض العلماء أن تلك السحالي لديها أحشاء خضراء بسبب وجود صبغة البيليفيردين بكمية كبيرة لدرجة أن لونها الأخضر يطغي تماماً على اللون الأحمر الطبيعي لصبغة الهيموجلوبين .

ولكن من المفترض أن تقضي تلك المادة الخضراء السحالي , حيث أن صبغة  البيليفيردين تقوم بإتلاف الحمض النووي وقتل الخلايا , وتدمير الخلايا العصبية للكائن , وعلى الرغم من ذلك نجد أن سحالي غينيا تتمكن من البقاء على قيد الحياة برغم إحتواء أجسامها على مستويات أعلى من البيليفيردين بـنحو 20 مرة من أعلى تركيز تم تسجيله لتلك الصبغة في الإنسان , وتلك الكمية الكبيرة مميتة بالفعل .

لكن العلماء غير متأكدين من السبب الذي يجعل سحالي غينيا الجديدة متعايشة مع تلك المادة الكيميائية القاتلة , حتى أنها لا تصاب باليرقان , بينما يعتقدون أن هذه السمة هي سمة فسيولوجية غير عادية لا توجد إلا في سحالي غينيا الجديدة , وربما تطورت تلك السمة لديها فجأة كحدوث طفرة مثلاً .

ولكن لا يستبعد العلماء احتمال أن تكون تلك السحالي قد أظهرت سمة للون الأخضر في ظروف معينة وعادت إلى اللون الأحمر تحت ظروف أخرى , أو أن هناك تاريخ أكثر تعقيداً بشأن تحول الألوان في دماء السحالي , ولكن مهما كان السبب فإن هذا النمط أكثر تعقيداً مما كان يُعتقد , وهذا يعني أن السحالي تحتاج إلى إعادة تصنيف .

مصدر المقال / theatlantic