- كوبرنيكوس (1473-1543) لم يكن أول شخص يدّعي أن الأرض تدور حول الشمس , ففي الحضارة الغربية يُعتبر الفلكي اليوناني أرسطخروس من ساموس بوجه عام بأنه أول شخص يقترح فرضية فلكية تفترض أن الشمس هي مركز الكون ( مركزية الشمس ) .
ولكن على الرغم من ذلك فإن فرضية مركزية أريستارخوس اكتسبت قليلاً من المؤيدين , وذلك قبل أن يقوم عالم الفلك نيكولاس كوبرنيكوس في عصر النهضة بعد مرور 18 قرناً على فرضية أريستارخوس بإنتاج نموذج رياضي يتنبأ بالكامل بنظام مركزية الشمس .
في العصور القديمة ...
- قبل العصر الذهبي لليونان , تعود التكهنات التي تفترض أن الشمس هي مركز الكون وليس الأرض إلى وقت الفليسوف الهندي Yajnavalkya (من القرن التاسع قبل الميلاد) , والذي كان تابعاً لمعتقد هندوسي يُسمى " فيدا " - وهو عبارة عن نصوص هندوسية مقدسة من الترانيم والتراتيل لدى الآريين الهنود ,يعتمد على استخدام الرياضيات والهندسة في بعض الطقوس الدينية .
فكتب Yajnavalkya في نص هندوسي مقدس (Shatapatha Brahmana: 8.7.3.10) : أن الشمس هي التي تربط هذه العوالم معاً - الأرض , والكواكب , والهواء - كالخيط .
فهذه الكتابات تُعد واحدة من أول الإشارات المسجلة التي تفترض مركزية الشمس , ولكن مؤيدي تلك الفكرة كانوا أيضاً أقلية , فظلت الهند تؤمن بنموذج مركزية الأرض حتى تم اختراع التلسكوب في القرن السابع عشر .
أرستارخوس ( 310 - 230 قل الميلاد )
في أيام أريستارخوس كان يُعتبر أن كامل الكون المعروف لنا هو نظامنا الشمسي فقط , وبقية الكواكب والنجوم الثابتة تدور حول الأرض يومياً , ولكن وفقاً لنظرية أريستارخوس الثورية الجديدة وقتها , كانت الشمس ، وليس الأرض هي مركز الكون , بينما كانت الأرض وبقية الكواكب تدور حول الشمس في حركة دائرية .
وكن لسوء الحظ فإن أحد أعمال أريستارخوس التب نجت من العصور القديمة لم تُشر إلى نموذجه الشمسي , ولكن تم تجميع أفكاره حول هذا الموضوع من بعض المراجع التي كتبتها شخصيات تاريخية مهمة مثل كاتب السيرة الذاتية اليوناني بلوتارخ ،والفيلسوف اليوناني سيكستوس إمبيريكوس وعالم الرياضيات اليوناني أرخميدس ، الذي كتب في كتابه "The Sand Reckoner":
"إن فرضياته ترى أن النجوم ثابتة وكذلك الشمس ، وأن الأرض تدور حول الشمس في محيط دائرة ، والشمس تقع في وسط المدار".
ولكن بطبيعة الحال واجهت نظرية مركزية الشمس مقاومة شرسة من الأديان التي رأت أن الله خلق خلقه الرئيسي في مركز الكون , في حين أن بعض معاصريه مثل الفيلسوف كلينثيس ، قد اعترض على فرضية أريستارخوس لرفضه تصنيف أريستارخوس للشمس ضمن " النجوم الثابتة " , على الرغم من أن هناك بعض المفكرين الذين طرحوا أفكارهم عن الشمس بأنها نجم وليس إلهاً قبل قرنين من طرح نظرية أريستارخوس .
وهكذا على الرغم من أن نظرية أريستارخوس بدت بديهية للحواس إلا أن بعض الباحثين رفضوا تصديقها بسبب تناقضها مع نظريات علماء الرياضيات , حيث عدم وجود أي اختلاف في حركة ومواقع النجوم أثناء دوران الأرض كان بمثابة حجة قوية ضد نظرية مركزية الشمس طوال القرون التي تلت ذلك , ولكن الحقيقة أن النجوم بعيدة جداً بحيث أن أي اختلاف صغير جدا في مواقعها أو حركتها لا يمكن ملاحظته .
- أفلاطون وأرسطو وبطليموس
نتيجة لرفض نظرية أريستارخوس بشأن مركزية الشمس أصبح نموذج مركزية الأرض للنظام الشمسي الذي اقترحه فلاسفة يونان مثل أفلاطون وأرسطو هو الصيغة المقبولة لنظامنا الشمسي .
وفي عام 140 بعد الميلاد , صاغ " بطليموس " - 90-168 م , نموذجه لمركزية الأرض والذي ظل راسخاً في العالم الغربي خلال القرون الأربعة التالية .
- نيكولاس كوبرنيكوس والثورة الكوبرنيكية (1473-1543)
حاول عالم الرياضيات وعالم الفلك في عصر النهضة نيكولاس كوبرنيكوس إحياء نظرية أريستراخوس عن " مركزية الشمس " , وبحلول عام 1532 أكمل مخطوطته بعنوان " الكتاب في دورات الكواكب السماوية " حيث صاغ كوبرنيكوس نموذجاً تنبئياً يوضح أن الأرض مجرد كوكب آخر يدور حول الشمس , ولكن كوبرنيكوس كان يعلم أنه سيُتهم بالهرطقة من قِبل الكنيسة المسيحية في حال نشره لهذا الكتاب , وبالفعل لم ير هذا الكتاب النور إلا في يوم وفاة كوبرنيكوس .
ويُنظر الآن إلى نظرية كوبرنيكوس على أنها الثورة التي انطلقت منها بدايات علم الفلك الحديث , على الرغم من أن الكنيسة الكاثوليكية في ذلك الوقت هاجمت كتاب كوبرنيكوس وحاولت بشدة قمع كل الحجج المتعلقة بصحة النظرية .
- جاليليو جاليلي - (1564-1642)
في القرن التالي , استخدم جاليليو غاليلي (1564-1642) تلسكوب الانكسار الذي تم اختراعه حديثًا للتوسع في نظرية كوبرنيكوس ، وبعد اكتشاف أقمار المشتري الأربعة الرئيسية في عام 1610 - وهي الأقمار الأولى التي عُثر عليها في مدار كوكب آخر في ذلك الوقت - ساهم ذلك في وجود حجة قوية لصحة نظرية مركزية الشمس ودوران الكواكب حولها كالأقمار التي تدور حول الكواكب .
في عام 1632 نشر جاليليو كتاب بعنوان "حوار حول النظامين الرئيسيين للكون" , والذي قارن فيه النظام الكوبرنيكي بالنظام البطلمي , ولكنه أُجبر بعد ذلك على التراجع عن أفكاره وذلك بعد قضاء بقية حياته تحت الإقامة الجبرية .
- إسحاق نيوتن - (1643-1727)
- بعد أن اخترع السير إسحاق نيوتن التلسكوب العاكس في عام 1688 ، سرعان ما أصبح واضحًا بشكل قاطع أن الأرض لم تكن مركزًا لنظامنا الشمسي. ثم جاء المسمار الأخير في نعش مركزية الأرض بعد أن نشر نيوتن كتاب Principia Mathematica الذي يثبت بشكل قاطع نموذج مركزية الشمس الذي اقترحه كوبرنيكوس.
ثم استخدم إدموند هالي (1656-1742) لاحقًا معادلات نيوتن للتنبؤ بعودة مذنب في 1758 لإعطاء برهان نهائي على نظرية مركزية الشمس.
مصدر المقال / astronomytrek
حقوق الترجمة محفوظة لمدونة / عالم المعرفة
فعلاً مدونة رائعة شاملة لمعلومات مفيدة تغني رصيد القارئ، يقول المثل: يوجد في النهر مالايوجد في البحر.. شكرا على المجهودات القيمة التي تظهر من خلال تنوع المواضيع في هذه المدونة.
ردحذفمدونة عروض الجوال بالمغرب
أتمنى منكم الاشتراك في مدونتيلدعم بعض الكلمات
ردحذف