-->

الاثنين، 29 أبريل 2019

جانجشار بونسوم : الجبل المُحرّم في سلسلة جبال الهيمالايا

 الهيملايا
-  مع تقدم الحضارة البشرية والتكنولوجيا لدينا , أصبح العالم إلى حد ما أصغر وأصغر .. ولقد سبرنا أغوار كوكبنا واستكشفناه واحتلناه لدرجة أنه يبدو وكأنه لا يحوي مكاناً لم تمسه البشرية .. ولكن بسبب أعماق البحار , وأراضي القطبين المتجمدة ,  ودهاليز بعض الغابات الغير مستكشفة فإن هناك شعورا بإن هناك ما هو مخفي عنا , ما هو غير مقنع لنا , ما يدفعنا إلى محاولة إيضاح أي شيء يكتنفه الغموض في تلك الأماكن النائية في العالم ..
ومع ذلك , حتى في هذا الوقت الذي توغلت فيه البشرية في كل مكان في عالمنا , لا تزال  هناك بعض الأماكن في العالم والتي بقيت في الغالب دون أن يمسها الإنسان .. دون أن يهزم غموضها على مر السنين .. ويكمن أحد تلك الأماكن في البُعد البارد لجبال الهيمالايا ..
 في ذلك المكان حيث الرياح القاسية والمريرة التي لا ترحم .. تلوح في الأفق قمم جبلية غير مستكشفة تقريباً .. غارقة في بحار الأساطير والسحر تُعرف باسم Gangkhar Puensum - وهي منطقة جبلية تقع في بوتان بالقرب من الحدود مع الصين .
وقد يبدو من الغريب حقاً أنه على الرغم من أن البشرية قد وصلت إلى أكثر 20 قمة إرتفاعاً في العالم بحلول عام 1975 إلا إن جبل Gangkhar Puensum لم يمسه أحد أو يصل إلى قمته حتى الآن، وهو على ارتفاع 7570 مترًا (24.836 قدمًا)  .
كان جانجخار بونسوم ومازال عبارة عن لغز دائم , قدّم العديد من التحديات لهؤلاء الذين قادهم حماسهم وحبهم للمغامرة لكي يتسلقوه .

عندما تم قياس ارتفاع الجبل  لأول مرة في عام 1922 , كانت خرائط المنطقة غير دقيقة بشكل صادم , ولسنوات ظهرت خرائط مختلفة للجبل أدت إلى وضع ارتفاعات متباينة له بل وضعته في أماكن مختلفة تماما لمرات عديدة , كان من الصعب على الناس تحديد موقع Gankhar Puensum ناهيك عن تسلقه ، ولم تتمكن بعض الرحلات الأولى إلى الجبل من العثور عليه على الإطلاق, بالإضافة إلى ذلك ، كانت هناك نزاعات حتى يومنا هذا حول البلد الذي يقع فيه الجبل ، حيث تطالب بوتان بكامله , بينما تدعي الصين أن حدودها تخترق نصفه الشمالي .
حتى عام 1983 ، لم يكن مسموحًا بالتسلق في بوتان لأن البلاد سعت إلى الحفاظ على الحالة البدائية والأهمية الروحية لقممها المقدسة, كما أن الأساطير المحلية أعطت أيضاً سببًا إضافيًا لإغلاق الجبال ، حيث قيل إنها موطناً للعديد من أرواح الأجداد التي ظهرت في الأساطير والثقافة المحلية .

ولكن عندما فتحت بوتان أبوابها أخيرًا لتسلق الجبال كمسعى تجاري لغرض السياحة ، قام العديد من متسلقي الجبال بوضع الأنظار على الفور على جانجشار بوينسوم - أعلى جبل في البلاد - فبالتالي كان هذا الجبل صاحب المكانة الأكبر في انتظار أولئك الذين يعشقون المغامرة .
وفي السنوات التالية تم تنظيم حوالي 4 بعثات في محاولة للوصول إلى قمة جانجخار بونسوم وهو هدف ظل حتى النهاية بعيد المنال , فلم تنجح أياً من البعثات في إنجاز هذا الأمر , إما بسبب عدم كفاية التجهيز للرحلات , أو مواجهة تضاريس غير سالكة بشكل مفاجيء , أو حتى تغيرات الطقس الغريبة .. كما لو كان الجبل نفسه لا يريد لأحد تسلقه !
كان اعتقاد السكان المحليين دائماً في أن الأرواح القديمة التي تسكن الجبل هي التي أبعدت المتسلقين عن هدفهم ومنعتهم من تسلق الجبل المقدس , فعادت جميع تلك الرحلات بُخفيّ حنين تجر أذيال الفشل في كل مرة , وأصبج غزو قمة Gangkhar Puensum بعيد المنال مسعىً أسطوريًا تقريبًا بين المتسلقين في مجتمع تسلق الجبال., فلم يكن لديهم الفرصة أبداً .
وعلى الرغم من أن هناك المزيد من الحملات التي مازالت في طور الإعداد إلا أن بوتان قررت إغلاق الجبل مرة اخرى , بعد أن تعرضت الحكومة لضغط من السكان المحليين الغاضبين , والغير راضيين عن انتهاك قدسية الجبل وإزعاج الأرواح التي تسكنه بفتحه أمام الغرباء , لذا حظرت بوتان تسلق الجبال التي يزيد ارتفاعها عن 6000 متر في عام 1994 ، مما يضمن بقاء الأرواح في حالة سلام وليظل جانجشار بونسوم الشاهق الذي يأبى أن يتسلقه أحد على هذا النحو إلى الأبد.
ولكن قرار إغلاقق بوتان , وقصص الأشباح والأرواح , والحملات الفاشلة لم تكن لتثني الجميع على أية حال , ففي عام 1998 , قامت بعثة يابانية جيدة التمويل بمحاولة تسلق تلك القمة , مستغلين ثغرة سياسية , فظنوا أنه على الرغم من إغلاق جانجخار بونسوم من جانب بوتان ، إلا أنه يمكنهم ببساطة تسلقه من الصين ، التي ادعت إمتلاكها لجزء من الجبل على حدودها , وبالفعل حصلت البعثة على إذن من الرابطة الصينية لتسلق الجبال 
وعلى الرغم من أن كل شيء كان مجهزاً لوصول الفريق إلى القمة , إلا أن جبل Gangkhar Puensum أراد هزيمة فريق آخر ليثبت للجميع أنه لا يُقهر, فقد أدى النزاع الحدودي إلى سحب الصين إذنها ومن ثم عرقلة محاولة الفريق الياباني لتسلق الجبل , على الرغم من تمكن الفريق من تسلق قمة فرعية لجانجشار بونسوم الفرعية المسماة ليانكانج كانجري ، على ارتفاع 7 ، 535 م (24،413 قدم). 

Gangkhar Puensum هو حقا مكان مليء بالعجب والغموض , مشاهدات اليتي ، الظهورات الشبحية ، الأنوار الغريبة ، الشذوذ المغناطيسي ، والاختفاء غير المبرر تم الإبلاغ عنها جميعًا من هذا المكان , فما هي الأسرار التي لا يمكن التغلب عليها في هذه المنطقة ؟
هل هذه القمة الصخرية في أقصى نهاية الأرض تحرسها فعلاً الأرواح والأشباح التي تعارض كل محاولات الغرباء الذين يتجرؤن على تسلقها ؟
 في الوقت الحالي ، يبدو أن أحداً لن يعرف على الإطلاق ، وأن هذا العملاق الشاهق سيبقى واحداً من آخر الحدود العظيمة التي لم يمسها العالم لبعض الوقت.

المصدر / mysteriousuniverse.org

أترك تعليقا

ليست هناك تعليقات

إعلان فوق التدوينة


إعلانات

إعلان أسف التدوينة


إعلانات

كافة الحقوق محفوظة لــ عالم المعرفة 2017 - 2018 | تصميم : آر كودر