النمل الأبيض : أعظم مهندس في الطبيعة

- بينما يتخذ بعض النمل الأبيض بيوتاً في أخشاب منازلنا , إلا أن معظم أقاربه يفضلون بناء منازلهم الخاصة , وهي واحدة من أكثر المباني إثارة للإعجاب في عالم الكائنات الحية , فتلالهم بمثابة مدن تتطور إلى الأبد , ومصنوعة من أبسط المواد الطبيعية , كما يقومون ببناءها دون أي منسق أو مخطط مرجعي .

 النمل الأبيض termites عبارة عن حشرات صغيرة , ولكنها قادرة على نقل أطنان من التربة لبناء أعشاش عملاقة معقدة , ويمكن للنمل الأبيض بناء تلال يبلغ إرتفاعها أكثر من 10 أمتار ويبلغ عرضها حوالي 15 متراً .

يتجلى اتقان النمل الأبيض في بناء تلك التلال , في أنه يمكن التحكم في درجة حرارتها , حيث تضم أنظمة للتهوية والتبريد , كما تحتوي على غرف متخصصة لتخزين الطعام , وأخرى تحتوي على حدائق فطرية , وغرف تعمل كحاضنات للبيض , وغرفة تسكنها الملكة التي تنتج البيض , فالنمل الأبيض كائنات قادرة على خلق عوالم تتجاوز حدود قدراتها الفردية بكثير .

ولمعرفة المزيد حول سلوكيات النمل الأبيض في بناء أعشاشه , استخدم العلماء الأشعة السينية لمسح خرائط الشبكات والغرف والأنفاق في 12 تلة لثلاث أجناس مختلفة من النمل الأبيض الأفريقي  Cubitermesو  Thoracotermes و Procubitermes

وتفاوتت تلك التلال اعتماداً على جنس النمل الأبيض , حيث اتخذت التلال شكل الفطر في جنس Cubitermes , والأعمدة المستقيمة في جنس Thoracotermes ، والمخروطات في جنس Procubitermes . 

 منازل النمل الأبيض المدهشة ؟

- يتم بناء التلة من خليط من التربة , وروث ولعاب النمل الأبيض , وعلى الرغم من أن التلة قد تبدو صلبة إلا أن جدرانها تحتوي على مسامات وثقوب صغيرة تسمح للهواء الداخلي بالدخول إلى الهيكل بأكمله .

- يتكون الجزء العلوي من التلة من فتحة مركزية تعمل كالمدخنة تحيط بها شبكة معقدة من الأنفاق والممرات , حيث ينتقل الهواء عبر الجدران المسامية إلى سلسلة الأنفاق الصغيرة حتى تصل إلى المدخنة المركزية حيث يرتفع الهواء .

وعندما يختلط الهواء البارد مع هذا الهواء الدافيء يبرد الهواء ويتخلل أجزاء التلة , ويقوم نظام التهوية هذا باستمرار بتدوير الهواء , ويضمن وصول الأكسجين إلى المناطق السفلية من التلة , ويحافظ على العشّ من ارتفاع درجة الحرارة .

- لا يعيش النمل في جميع أنحاء التلة , ولكنه يقضي أغلب وقته في عُشّ يقع تحت مستوى سطح الأرض , ويتكون من العديد من الدهاليز التي تفصلها جدران رقيقة , كما يعمل العمال من النمل باستمرار على إصلاح المناطق التي تحتاج إلى صيانة , وبناء ممرات جديدة في العُشّ .

- تتطلب مدينة النمل وجود الكثير من الطعام , حيث تحتوي تلال النمل على العديد من غرف التخزين للخشب وهو مصدر الغذاء الأساسي , كما يقوم النمل الأبيض أيضاً بزراعة حدائق فطرية , وتقع داخل منطقة العُشّ الرئيسية , حيث أن النمل الأبيض يأكل هذا الفطر كي يساعدهم على استخراج العناصر الغذائية من الخشب الذي يستهلكونه , كما أن الحفاظ على تلك الحدائق الفطرية يتطلب تحكماً دقيقاً في درجة الحرارة , وتحافظ البنية المميزة للتلال على درجة الحرارة ثابتة تقريباً .

- تعيش ملكة النمل في الغرفة الملكية , وهدفها الوحيد هو إنتاج نمل أبيض جديد يساعد في بناء العُشّ وحمايته , وهي قادرة على إنتاج آلاف البويضات يومياً , وتعيش لمدة تصل إلى 45 عاماً , وخلال هذه الفترة تستمر بالنمو إلى درجة لا تستطيع معها الحركة , بينما يحمل عمال النمل بيضها إلى حضّانة خاصة في التل , حيث يفقس البيض ويتم تغذية الصغار على السماد حتى يصبحوا بالغين .

- في قاعدة التلة توجد العديد من الفتحات التي يستخدمها النمل الأبيض للدخول والخروج من العُشّ , حيث يخرج النمل في غزوات لجلب الطعام ليلاً , عندما تكون درجة الحراراة أكثر برودة .

- عند ستة أقدام تحت مستوى الأرض يقع القبو , وهو جزء مدهش من هذا الهيكل , إذ يتكون سقفه من الألواح الرقيقة التي تمتص الرطوبة من المستعمرة أعلاه , وتوفر آلية تبريد مبتكرة أخرى , فمع تبخر الرطوبة , تنخفض درجة الحرارة , ويتم تبريد الهواء حول العُشّ .

مصادر المقال / pbs.org - insidescience

حقوق الترجمة محفوظة لمدونة / عالم المعرفة